السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدى سؤال بخصوص وسوسة أصابتني منذ مدة: سمعت شخصا يقول: ليس لنا إلا الله! وجاء في ذهني كيف (ليس لنا إلا الله)؟ هل الذي يقول بذلك ليس له زوجة صالحة أو أم تحبه أو صحبة صالحة؟
أصبحت مشوشة الفكر في معنى (ليس لنا إلا الله)، أعلم جيدا أن (إنا لله وإنا إليه راجعون)، وما لنا غير الله نعبده سبحانه، لكن هل هذا يتعارض مع وجود أنيس للإنسان سواء أخ مثل ما دعا موسى عليه السلام (واجعل لي وزيرا من أهلي* هارون أخي* اشدد به أزري*)، أو مثل ما كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من صحبة وزوجات صالحات؟
هل هناك تعارض بين قول: ليس لنا سواك يا الله، وقول يا رب ارزقنا بالصحبة الصالحة أو الزوج الصالح؟ ولماذا يقول الإنسان (ليس لنا سواك يا الله) والله رزقه بصحبة صالحة وزوجة صالحة؟ هل هناك حرج إذا قال الإنسان يا رب ارزقني بالزوج الصالح الذي يكون لي سندا في الدنيا؟
أعتذر فكلامي صعب الفهم قليلا، ولكني أعاني من الوسوسة، ورغم معرفتي للجواب في قرارة نفسي: أن هذا القول ليس قولا حرفيا إن الإنسان ليس له أحد، وإنما هو توكل على الله، ولكني أريد التأكد منكم.
شكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يصرف عنك شر هذه الوساوس، ويكتب لك عاجل العافية منها، ولكن أنت مطلوب منك – ابنتنا الكريمة – أن تأخذي بالأسباب التي يخلصك الله تعالى بها من هذه الوسوسة، فإن الوسوسة داء من الأدواء، ومرض إذا استفحل وسيطر على الإنسان أدخله في كثير من أنواع المشاق والمتاعب، ولهذا نحن ننصحك بأن تكوني جادة في الأخذ بأسباب التخلص منها، وسيعينك الله تعالى عليها، وتجدين العافية بإذن الله.
وأهم هذه الأدوية الروحية المعنوية لخصها النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أمور:
أولها: الاستعاذة بالله تعالى عندما تداهمك الوساوس، فتقولي: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).
وثانيها – وهو أهم دواء على الإطلاق -: التغافل عن هذه الوساوس، وعدم المبالاة بها، والانصراف عنها إلى غيرها. ومن ثم لا ينبغي أبدا أن تتفاعلي معها، فلا تبحثي عن سؤال أملته عليك هذه الوساوس، وهذه الاستشارة جزء من الاستجابة لهذا الوسواس، ولهذا ننصحك بأن لا تستمري على هذه الطريقة؛ إذا أردت إراحة نفسك من هذه الوساوس.
والدواء الثالث: الإكثار من ذكر الله تعالى.
فإذا صبرت على هذا الطريق فإنك ستجدين العافية -بإذن الله-.
أما ما سألت عنه فواضح جدا أنه أثر من آثار هذه الوسوسة، وأنت تعلمين الجواب أصلا، وهو أن قول الإنسان (ليس لنا إلا الله) لا يعارض الأخذ بالأسباب المادية التي جعلها الله تعالى أسبابا لنتائجها، فالله تعالى بنى هذا الكون على السببية، فجعل النتائج لها مقدمات، فلا بد أن نأخذ بالمقدمات لنصل إلى النتائج.
وكون الإنسان يستعين بالمخلوقين فيما يجوز الاستعانة به هو داخل في قانون السببية هذا، والرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوة الناس، وأعظم المتوكلين، ومع هذا لم يفرط في الأسباب، بل أخذ بها على أتم الوجوه وأحسنها، والشواهد على ذلك من سيرته صلى الله عليه وسلم أكثر من أن تعد وتحصى.
نرجو -إن شاء الله- أن يكون الجواب واضحا، وبالنسبة للدعاء: إذا دعت المرأة ربها أن يرزقها الزوج الصالح؛ فإن هذا الدعاء مشروع ومطلوب، بل قد شرع الله تعالى لنا أن ندعوه ونسأله كل شيء مما نحتاجه، حتى النعل الذي نلبسه وملح الطعام، هكذا وردت الأحاديث، فإن الله تعالى يحب الدعاء، ويحب العبد الذي يدعوه ويتوجه إليه بسؤاله وطلبه، فإنه كريم سبحانه وتعالى، يحب سؤال عبده ليعطيه.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير.