الشعور بالاكتئاب والتشاؤم وسرعة الغضب

0 333

السؤال

السلام عليكم.

جزاكم الله خير ما جزى رجلا صالحا عن قومه، ورحم الله ممول الموقع.
مشكلتي -يا دكتور- هي كالآتي: الاكتئاب، وسرعة الغضب، وعندما أغضب أحتاج لوقت حتى أهدأ، ثم أشعر بالإرهاق وأنام، ودائما أعتذر ممن أغضب عليهم، لا أحب أن أخطيء في تصرفاتي، وألوم نفسي على الأخطاء، وأشكو كثرة النسيان، حتى أنسى ذكريات مع عائلتي لا ينساها عاقل!!
حاد الطبع، معنوياتي منخفضة، أنظر إلى المستقبل بتشاؤم، لا أحب اتخاذ الأصدقاء الجدد، وأتملص من أصدقائي القدماء، لا أقوم بأي عمل بسيط في البيت، أحتاج لأيام لأخطط له.
وسألخص لك ما أعتقد أن له علاقة: سافر أبي للخارج للعمل، وتحملت مع والدتي مسئولية الأسرة منذ كان عمري (11 سنة)، وهذا كان ثقيلا علي ولم أحبه، بعد عودة أبي لم أستطع التفاهم معه نهائيا؛ لأن مدة سفره كانت طويلة (15 سنة )، وأصبح على خلاف مع والدتي، تزوج على أثره.
والدتي لا تحب والدي، ووالدي يتملص من واجباته نحو البيت، وأنا الآن-وللأسف- علاقتي غير ودية معهم الاثنين، وهذا يحبطني كثيرا،كان طموحي كبيرا جدا في الثانوية، وكنت أعول كثيرا في نجاحي المستقبلي على الدراسة في الخارج، ولم أستطع ذلك، ودرست في بلدي مهندسا، وتوظفت في وظيفة أمنية تعتبر ممتازة، إلا أنني لم أحبها قط، وكانت أقل من طموحاتي. وبعد خدمة طويلة أحلت على التقاعد؛ لأنني رفضت القيام بعمل -فيه ظلم للناس، وأنا الآن لا أحب أن أعمل من جديد.
منذ سنتين توقفت عن سماع الأخبار؛ لأن أخبار العالم الإسلامي -من احتلال وقتل وتدمير- تحبطني جدا. وأنا الآن لا أخرج من البيت إلا للصلاة، وأخاف على زوجتي الصالحة وعلى أبنائي من حزني وسرعة الغضب!!
فأرجو الله أن أجد عندكم حلا وتحليلا لحالتي، وجزاكم الله عن المسلمين كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فحقيقة أشكرك جدا على التفاصيل التي ذكرتها، وأنت قد أصبت في وصفك لشخصيتك، حيث أن شخصيتك هي من النوع القلق والحساس والسريع الإثارة، ومن الواضح أيضا أنك تحمل طاقات نفسية قوية، معظمها من النوع الإيجابي، ولكن ربما لم توظفها بالصورة المطلوبة.

كما ذكرت لك فإن شخصيتك تحمل الحساسية، والنواة القلقية لديك أيضا قوية، وهذا يجعلك كما ذكرت عرضة للإحباط والشعور بالاكتئاب وعسر المزاج، وربما يزيد الاندفاعية لديك، مما يجعلك سريع الغضب.

بالنسبة للعلاقة بالوالدين، لا شك أن العلاقة بين والديك غير مواتية، وربما تكون أثرت عليك سلبا، ولكن أرجوك مخلصا أن تكون وافيا لحقهما، وأن تبرهما مهما كانت درجة هذا الخلاف، ويمكنك أن تحفظ نوعا من العلاقة المتوازنة بينك وبين والديك.

جزاك الله خيرا على اهتمامك بأخبار العالم الإسلامي، وأن تغضب لحال الأمة، ونسأل الله الستر في هذا السياق.

لقد وهبك الله زوجة صالحة، والأبناء الذين أسأل الله أن يجعلهم قرة عين لك، ولا شك أن زوجتك سوف تكون خير معين بالنسبة لك.

أخي العزيز، أنت والحمد لله لديك إيجابيات كثيرة في حياتك، وأنت رجل مؤهل، وقد رفضت الوظيفة التي فيها ظلم للناس، وهذا شيء يحمد لك، ولكنك لا زلت تبلغ من العمر 40 عاما، وهذا إن شاء الله هو سن المسئولية والانطلاق، فلماذا لا تبحث يا أخي عن عمل آخر مهما كانت الفرص قليلة، فسوف تجد إن شاء الله ما يناسبك؛ لأن العمل يعطي الإنسان قيمة، ويحسن من حالته النفسية، وهو وسيلة جيدة للتأهيل النفسي، فالسعي الإيجابي والتفكير الإيجابي سوف يحسن من حالتك كثيرا بإذن الله.

بالنبسة للغضب، عليك يا أخي أن تعبر عما بداخلك أولا بأول، أي بمعنى أن لا تسمح للاحتقانات والتراكمات أن تتكون في داخل نفسك، أنت ربما تكون من النوع الذي يتجاهل الأشياء البسيطة، وذلك من قبيل التسامح والإحسان للآخرين، ولكن على الإنسان دائما أن يعبر عن نفسه في حدود المعقول؛ لأن ذلك سوف يتأتى بصحة نفسية إيجابية لديك.

نصيحتي لك أيضا يا أخي أن تمارس أي نوع من أنواع الرياضة، خاصة رياضة المشي والتي تعتبر مفيدة، وهي تمتص الطاقات الغضبية، وطاقات الغضب الزائدة، مما يؤدي أيضا إلى تحسن الصحة النفسية.

الشق الآخر في علاجك هو العلاج الدوائي، والحمد لله توجد الآن أدوية ممتازة وفعالة تساعد كثيرا في مثل حالتك، وربما يكون من الأدوية الجيدة لك العلاج الذي يعرف باسم (فلونكسول)، أرجو أن تتناوله بجرعة حبة واحدة في الصباح نصف مليجرام، وتستمر عليه لمدة ثلاثة أشهر، وهنالك دواء آخر مصاحب يعرف باسم (فافرين)، أرجو أن تبدأ في تناوله بمعدل 50 مليجرام ليلا لمدة أسبوعين، ويفضل أن يؤخذ هذا الدواء بعد الأكل، وبعد مضي الأسبوعين يمكنك أن ترفع الجرعة إلى 100 مليجرام، وتستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم تخفضها إلى 50 مليجرام لمدة شهر، ثم يمكنك التوقف عنها.

إذا لم تستطع الحصول على الفافرين، فالدواء البديل يعرف باسم (زولفت)، وجرعته هي حبة واحدة 50 مليجرام، يمكنك أن تأخذها لمدة أربعة أشهر، ثم تتوقف عنها بعد ذلك.

إن شاء الله باتباع الإرشادات النفسية السابقة وتناول العلاج، سوف تجد أن الأمور أصبحت تتحسن لديك، وأصبح الاكتئاب قد انتهى، وقل الغضب لديك، ولابد يا أخي في ختام هذه الرسالة أن أذكرك بما ورد في السنة المطهرة من مواجهة ومعالجة الغضب.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات