السؤال
السلام عليكم
ابني عمره سنتان وتسعة أشهر، طفل طبيعي والحمد لله، ذكي جدا، اللهم بارك. لكن مؤخرا بدأ يتغير سلوكه إلى العناد، يقابل كل الطلبات بكلمة "لا" ويصر عليها، ولا يستجيب إطلاقا إلا بعد عدة محاولات بمنع شيء عنه، مثلا:
- "حبيبي لا ترم ورقة البسكوت في الأرض، ضعها في السلة."
- هو: "لا" ونظرة عينه كأنه شخص بالغ يواجه تحديا.
ونظل في حوار، وهو على رفضه حتى أقول له مثلا: "أنا نازلة، ولن آخذك معي." فيسألني: "لماذا؟" أقول له: "لأنك تفعل أشياء سيئة." هذا مجرد نموذج بسيط، لكن الفكرة تتكرر على مدار اليوم بصورة مرهقة جدا.
أنا أعمل معلمة أونلاين، وهو يتعمد أثناء الحصة أن يصرخ ويضغط علي بطلباته، مع العلم أنه لم يكن هكذا سابقا، بل كان عندما يراني في حصة يضع يده على فمه بمعنى "لن أصدر صوتا."
تزامن هذا التغيير مع التبول اللاإرادي أثناء النوم، وحتى أثناء اليقظة أحيانا، مع العلم أنه كان يستطيع التحكم في نفسه لبعض الوقت، وكان يستيقظ أثناء النوم لدخول الحمام.
محتاجة أن أعرف: ما الذي قد يكون حصل، وأدى لهذا التغير؟ مع العلم أنني أحترمه جدا، وحريصة على أن أحافظ على شخصيته ولا أكسره (وأحيانا أنفعل طبعا، لكن بدون إهانة ولا ضرب)، بشكل متوازن بدون إفراط أو تفريط على حد ظني.
كذلك: كيف أتعامل معه بدون أن أؤثر عليه سلبا، ولكن في نفس الوقت تكون لغة التفاهم أسهل؟
جزاكم الله خيرا، وآسفة على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا.
لا أدري أكاد أشعر أن طفلك هو الطفل الوحيد في الأسرة، وكأنك لم تمري بتجربة سابقة في تربية الأطفال، وقد أكون مخطئا في هذا.
نعم تغير طفلك عندما أصبح في عامه الثاني وتسعة أشهر، فقد اكتشف الآن الكلمة السحرية التي لم يدر عندما كان أصغر أنها موجودة أصلا، وأن بإمكانه استعمالها، إنها كلمة (لا)، وكما يقال (الممنوع مرغوب)، ونعم طفلك لا يستجيب؛ لأنه داخل في صراع على السلطة، ويريد أن يكتشف كلمة من ستمشي في هذا البيت، إنه يستدرجك للحوار وللأخذ والعطاء المتكرر ليتعبك حتى تستسلمي في النهاية، وتمشي كلمته.
ونعم هو يصرخ أثناء تعليمك أون لاين؛ لأنه ذكي ككل الأطفال، ويعرف متى يستغل نقاط ضعفك وحرجك أمام الآخرين، كأن تكوني على الدرس أون لاين، أو عندما يكون عندكم ضيوف؛ فيقوم بعرض مسرحيته بالبكاء والصراخ ليحصل على ما يريد، مدركا أنك ستشعرين بالحرج فتستسلمين وتعطينه ما يريد.
طبعا أنا لا أقول أن تكسريه – كما ورد في سؤالك – ولكن عليك أن تعلميه من هو الآمر الناهي في البيت، وأن كلمتك هي التي ستمضي، فـ (لا) عندك تعني (لا)، وليس أن (لا) مع عدة دقائق من البكاء والصراخ تصبح بقدرة قادر (نعم).
أختي الفاضلة: إن أهم واجب للوالدين تجاه الطفل أمران: الحب، وتعليمه الانضباط. ومن عناصر تعليم الانضباط أن يستجيب لقولك، فـ (لا) تعني (لا)، على أن تكون (لا) منك بشكل عادل معقول.
على هذا الطفل أن يتعلم أنه إذا أراد انتباهك، والطفل – كل الأطفال – في حاجة إلى انتباه والديه، فإذا أراد أن يحصل على انتباهك ورعايتك، فهذا فقط من خلال السلوك الإيجابي الحسن، وليس من خلال البكاء والصراخ، ولعله الآن يحصل على هذا الانتباه منك من خلال سلوكه السلبي.
أختي الفاضلة: قاعدة في علم النفس والتربية أن السلوك الذي نعززه بأن نلاحظه يزداد مع الوقت، بينما السلوك الذي نتجاهله يخف ويختفي، ونحن أحيانا من حيث لا ندري نعزز السلوك السلبي – كالبكاء والصراخ – ونتجاهل السلوك الإيجابي عندما يكون الطفل هادئا.
فكري – أختي الفاضلة – بما أقوله، وحاولي أن تعطيه انتباهك ورعايتك، عندما يكون هادئا يتصرف بالطريقة السليمة، واصرفي عنه انتباهك عندما يبدأ بمسرحية البكاء والصراخ، ولا بأس – أختي الفاضلة – أن تستعيني في تربيتك لطفلك بكتاب عن مهارات التربية، وخاصة أننا أمة (اقرأ)، {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، وأنصحك بكتابي (أولادنا من الطفولة إلى الشباب)، ويمكن أن تحصلي عليه من مكتبة (نيل وفرات) على الانترنت، حيث يمكن أن يصلك الكتاب في خلال أسبوع أو عشرة أيام.
أدعو الله تعالى أن ييسر لك أمرك، ويسعدكم، ويقر أعينكم بهذا الطفل، وأن يكتب له التوفيق والنجاح.