أعاني من السرحان وضعف التركيز بسبب الوسواس، فساعدوني

0 28

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أتمنى أن تكون بخير -يا دكتور-.

مشكلتي بدأت في فترة الكرونا والحجر الصحي، حيث بدأت عندي أعراض الوسواس القهري، خصوصا أنني قبلها كنت أعيش في حالة من القلق بسبب مشكلة كبيرة وقتها، وكان ذلك في رمضان، حيث كنت أوسوس طوال النهار في صحة صيامي، وصحة الصلاة والضوء، وخوفي من الإصابة بكرونا، وازداد الأمر بعد ذلك بسبب فتاوي كنت أسمعها عن أشياء كنت أظن بأنها حلال، لكن تلك الفتاوي كانت تحرمها دون توضيح أو ضوابط، وأنا لم أفهمها أيضا.

طوال تلك الفترة كنت في المنزل بسبب الحجر، وأنا شخصية انطوائية أساسا، ولا أتكلم مع أحد، وعلاقتي بأهلي سيئة، وبدأت حياتي تسود، ولا يسعدني أي شيء، وتركت كل هواياتي وصرت طوال اليوم في هذه الوساوس، حتى بدأ الأمر يزول بمساعدة بعض الأشخاص -جزاهم الله خيرا- وبعض الأمور فهمتها مع الوقت، وبدأ الوسواس يقل وصار ضعيفا.

ضعف الوسواس ترك عدة آثار، مثل: عدم القدرة على التركيز، وعدم الإدراك لما حولي، ربما أكون أتكلم مع شخص فأسهو أثناء الكلام معه، وأفكر في أي شيء، أو أي قصة خيالية في عقلي، فيقل تركيزي وإدراكي للعالم الخارجي.

على الجانب الأخر ذاكرتي ضعفت، وصرت أواجه مشاكل بالدراسة، رغم أنني من محبي الدراسة، وكان مستواي جيد في السنوات السابقة، وكلما ذاكرت لا أستطيع حفظ المعلومة، وعقلي دائما مشغول، خصوصا أنني أجلس لفترات طويلة وأنا سارح بخيالي، وعند التوتر أو الضغوط النفسية يبدأ عندي الصداع.

هل من حلول مع الاعتبار أن خيار الذهاب للطبيب النفسي صعب حاليا؟

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في موقع استشارات الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

الوسواس القهري المكون الرئيسي له هو القلق، أي أن القلق هو الطاقة التي تزود الوسواس بكل مكوناته، وبعد أن يحدث الوسواس تقل نسبة القلق، وهذا نوع من التعويض المعرفي النفسي.

أيها الفاضل الكريم: الأحداث الحياتية غالبا ما تكون هي المثير الأساسي للهفوات أو الانتكاسات أو ظهور الأعراض النفسية لدى بعض الناس الذين قد يكون لديهم أصلا شيء من الاستعداد التكويني للقلق، أو الخوف، أو الوسواس، أو حتى الاكتئاب البسيط؛ لأن هذه كلها متداخلة في بعضها البعض.

فترة جائحة كرونا بالفعل أضرت بالناس نفسيا، وبما أنه لديك شيء من القابلية والحساسية النفسية تأثرت بسبب اطلاعك على الفتاوي، وهذا نتج عنه نزاع نفسي داخلي قلقي، وفي نهاية الأمر –كما تفضلت- بدأت لديك هذه الأعراض، أعراض ضعف التركيز وأيضا ضعف الرغبة الدراسية، والقلق والتوتر.

حالتك واضحة جدا، ومن وجهة نظري هي بسيطة، وكثيرا ما تظهر هذه الحالات أيضا في مراحل اليفاعة ومراحل البلوغ وما بعد البلوغ، لكنها -إن شاء الله- تنتهي -بإن الله تعالى-.

أنا أعتقد أن إدراكك للحالة وطبيعتها بعد هذا الشرح الموجز الذي ذكرته لك، هذا في حد ذاته سوف يساعدك في العلاج. والعلاجات الإرشادية السلوكية الأساسية التي أود أن أنصحك بها هي: أن تنظم وقتك، والنقطة الارتكازية في تنظيم الوقت هو أن تتجنب السهر، وأن تنام مبكرا، هذا يأتيك منه خير كثير، الراحة النفسية تستمد من الراحة الجسدية، الاستيقاظ المبكر، أداء صلاة الفجر في وقتها، ثم بعد ذلك الانطلاق في بقية المتطلبات الحياتية.

قطعا تركيز في الصباح سيكون ممتازا، ويجب أن تستغل هذه السانحة لتدرس على الأقل لمدة ساعة في الصباح، أنت تكون قد نمت مبكرا وتجنبت السهر واستيقظت مبكرا، وأديت صلاة الفجر، بعد ذلك يمكنك الاستحمام، شرب الشاي مثلا، وبعد ذلك تجلس وتدرس لمدة ساعة، هذه الساعة سوف تكفيك، وليس هنالك أي مبالغة في هذا الأمر، ساعة من المذاكرة في وقت البكور تعادل ساعتين إلى ثلاث من بقية اليوم، وأنت بهذه الكيفية تكون قد خطوت خطوة إيجابية في تنظيم وقتك، وهذا قطعا سوف يساعدك.

بجانب ذلك أريدك أيضا أن تتجنب النوم النهاري، أن تمارس تمارين رياضية، وأن تحقر أي فكر سلبي، أي فكر وسواسي، وحتى تتحسن الأمور مائة بالمائة أريد أن أصف لك دواء بسيطا جدا، سوف يساعدك كثيرا في علاج هذه الأعراض، ويناسب عمرك.

الدواء يعرف تجاريا باسم (فافرين) واسمه العلمي (فلوفوكسامين)، أريدك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجراما ليلا لمدة أسبوعين، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء يعتبر من الأدوية السليمة جدا، وذات الفعالية العالية، وفي ذات الوقت هو قليل الآثار الجانبية جدا، ولا يزيد الوزن، ولا يسبب أي نوع من الإدمان.

ختاما أيها الفاضل الكريم: هذه هي الأبعاد العلاجية المهمة، تكلمنا عن العلاج من الجانب النفسي والجانب الاجتماعي، والجانب الإسلامي، وكذلك الجانب الدوائي. هذه هي الأبعاد والمكونات العلاجية حين يلتزم بها الإنسان جميعا ويوفيها حقها في التنفيذ؛ هذا ينتج عنه نتائج علاجية إيجابية جدا، مما ينتج عنه تطور كبير في الصحة النفسية للإنسان، وأحسب أنك إن شاء الله تعالى سوف تكن من الملتزمين بكل الإرشادات التي ذكرناها، حتى تجني ثمرة جهدك العلاجي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات