انخفض مستواي الدراسي، فماذا أفعل لأستعيد تفوقي؟

0 0

السؤال

السلام عليكم

طول حياتي ومعدلي الدراسي فوق 95، ولما وصلت الثانوية العامة نزل هذا المعدل، وصار 80، وحاولت النشاط أكثر وتعبت.

دعوت ربنا، ولا أعرف أنه بنفسي هذا الشيء، وتعبت لأجل الحصول على نسبة عالية، وربنا قدر وقضى، وقد تعبت وسهرت، ومرضت، وحاولت النهوض، وهذا قد يقع على الكثير.

ماذا أعمل لرفع مستواي التعليمي؟ أنا الآن تعاهدت ثقتي بدراستي، لأستعيد الرفعة في مستوى دراستي؛ حيث إني في أهم مرحلة دراسية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.

كما نبارك لك النجاح أولا، فالنجاح بحد ذاته إنجاز يستحق الاحتفاء والإشادة.

أما كونك ترى أن هذه النسبة لم تحقق ما في نفسك من طموح، فهذا أمر اعتيادي، يحصل مع الناس في حياتهم اليومية، فكثيرة هي تلك المطالب والأهداف التي لا تتحقق بشكل تام، وإنما قد تتحقق بشكل جزئي.

لديك مشكلة في التكيف مع الواقع بسبب التوقع، فواقعك خالف توقعك، وهنا تأتي أهمية (التفكير السليم) في التعامل مع مشكلات الحياة، فرؤية الأمور بلونين فقط (إما أبيض أو أسود) هو أحد أخطاء التفكير الشائعة، وذلك لأن الحياة ملونة وليست أبيض أو أسود فقط.

إن منطق إما أن تصل إلى الهدف المنشود وإلا فأنت فاشل هذا تفكير عقيم، وذلك أن نجاح الإنسان لا يقاس بمجرد اجتيازه مادة دراسية أو مرحلة أكاديمية، بل إن مدرسة الحياة أوسع من مدرسة وزارة التربية والتعليم، وهناك قرابة عشرة أنواع من الذكاءات المتعددة، فالأمر لا يقتصر على مجرد النجاح في المواد الدراسية، بل إن الذكاء الاجتماعي وحسن التعامل مع الآخرين هو أعظم من الذكاء الأكاديمي، وربما تلاحظ أن كبار التجار والمستثمرين هم أشخاص عاديون، وربما بعضهم بالكاد يقرأ ويكتب، بينما يعمل لديه أعظم الأطباء والاختصاصيين؛ لأنه ببساطة يملك هذا المستشفى وتلك الصيدلية! فالحياة أوسع مما نتخيل.

إن ما حصل معك يمكنك أن تعتبره مصيبة نزلت بك، فكيف تتعامل معها؟

لو تأملنا قول الله تعالى: (ولنبۡلونكم بشيۡءࣲ من ٱلۡخوۡف وٱلۡجوع ونقۡصࣲ من ٱلۡأمۡو ال وٱلۡأنفس وٱلثمر اتۗ وبشر ٱلصـٰبرين، ٱلذين إذاۤ أصـٰبتۡهم مصيبةࣱ قالوۤا۟ إنا لله وإناۤ إليۡه ر اجعون، أو۟لـٰۤىٕك عليۡهمۡ صلواتࣱ من ربهمۡ ورحۡمة وأو۟لـٰۤىٕك هم ٱلۡمهۡتدون) [البقرة 153-157]، سنجد أنها ترشدنا إلى أدب التعامل مع المصائب التي تنزل بنا، ولو اعتبرنا أن ما أصابك هي مصيبة فعلا، فهنا يمكنك اللجوء إلى هذا الأدب القرآني، فتقول: إنا لله وإنا إليه راجعون.

مع أن ما يمكن تسميته مصيبة هو ما ورد ذكره في الآية الكريمة من نقص في الأنفس بالموت، ونقص في الثمرات بالقحط والجوع، والابتلاء بالخوف والجوع، بينما مجرد عدم تحقيق النسبة المطلوبة في الثانوية العامة هو أمر يسير، إذا ما تمت مقارنته بالمصائب والابتلاءات الكبيرة في حياة الإنسان.

لو تأملنا في قصة نبي الله موسى عليه السلام مع الخضر، في حادثة خرق السفينة التي كان يملكها مجموعة من المساكين والفقراء، لرأينا كيف تم إتلاف السكينة من قبل الخضر من غير جرم ارتكبوه! ولكنه القدر الذي هيأه الله لهم، فلو لم يتم إتلاف جزء من السفينة لاستولى الملك الظالم على كل السفينة؛ حيث كان يأخذ كل سفينة صالحة غصبا، وهكذا لو تأمل الإنسان في حياته وكيف فاته هذا الأمر أو ذاك، وكيف أنه لم يصل إلى هدفه الذي يبتغيه لوجد أنها أقدار مقدرة من الله تعالى، رغم حرص المرء واجتهاده الكبير على بلوغ الغاية التي كان يؤملها.

إذا: فلا داعي للأسى، فرب ضارة نافعة، وسيجعل الله بعد عسر يسرا.

أما قولك: (وأنا تعبت لأجل الحصول على نسبة عالية من ربنا)؛ فهنا مسألة مهمة ينبغي أن تنتبه لها، وهي: أن الله تعالى غني ولا يحتاج لعبادتنا ولا لدعائنا واستغفارنا، إنما هذا الدعاء والاستغفار ينفعنا نحن، ولا ينفعه هو -سبحانه وتعالى-: (يـٰۤأيها ٱلناس أنتم ٱلۡفقراۤء إلى ٱللهۖ وٱلله هو ٱلۡغني ٱلۡحميد) [فاطر 15].

أرجو أن تتأمل في هذا الحديث القدسي العظيم الذي يشرح هذه الجزئية تماما: عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى، أنه قال: (يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما؛ فلا تظالموا. يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم. يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي! كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم. يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا؛ فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئا. يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئا. يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها؛ فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه" رواه مسلم.

نرجو أن تقرأ شرح هذا الحديث وسوف تكتشف معاني عظيمة تهون عليك ما أنت فيه.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مواد ذات صلة

الاستشارات