السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة مقبلة على آخر سنة لي في المدرسة الثانوية، لدي صديقة وأنا قريبة منها جدا، حيث أننا نتواصل بشكل يومي ولا ننقطع عن بعضنا، والجميع يعرف بصداقتنا، وكنا دائما نمزح ونضحك.
قبل فترة وجيزة حدث موقف بيني وبين والدتها، لا أعرف إن كنت قد أخطأت، ولكنها لم تفهم ما حدث، فوجهت لي كلاما مزعجا أمام الناس، وكانت ردت فعلي بالمزاح كالعادة، ولكني لم أكن سعيدة.
هذا الأمر جعلني أفكر جديا في نفسي، فأنا أمنح الناس حرية التعامل معي دون وضع حدود، فكرت بشخصيتي كثيرا، وعزمت على التغير بعد ذلك، فهي ليست المرة الأولى التي أسمع من والدتها كلاما كهذا، سمعته سابقا وقلل ثقتي بنفسي، والكل ينسى ولكنني لا أنسى.
شعرت بعد ذلك بعدم الرغبة في التواصل مع صديقتي المقربة جدا، ولا أريد رؤيتها، رغم أنني تحدثت معها في ذلك اليوم، ولكن الآن الوضع مختلف، فأنا أجبر نفسي على الحديث معها، ولاحظت التغيير الذي حل بي، ودئما تقول لي هذا الشيء.
أشعر بالقلق من فكرة أنني تغيرت فجأة على الناس الذين اعتدت قضاء معظم وقتي معهم، هل هذا طبيعي؟ وهل يشعر الإنسان بأن نفسه طابت وملت فجأة، ولم تعد تشعر بالحماس مع علاقاتها كالسابق؟ وكيف يمكن أن يعود الإنسان إلى طبيعته وتعامله مع الآخرين؟
شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rama حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلف القلوب وأن يصلح الأحوال.
لا شك أن من حق الفتاة أن يكون لها صديقة صالحة، تذكرها بالله إذا نسيت، وتعينها على طاعة الله إن ذكرت، والصداقة المثالية هي الصداقة التي تبنى على الإيمان والتناصح والخير والطاعة، وكل صداقة لا تقوم على هذه القواعد قد تنقلب إلى عداوة، قال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}.
وعليه ننصحك بالاستمرار في العلاقة الجيدة مع الفتاة ومع غيرها من الفتيات، إذ ليس للفتاة ذنب في ما حصل من والدتها، مع أننا كنا نتمنى أن نعرف الموقف الذي حصل حتى نقيم هذا الكلام، وعليك أيضا أن تجتهدي دائما في أن تراجعي التصرفات التي حصلت وترتب عليها هذا الكلام من والدة الفتاة، وأيضا كنا نود أن نعرف هل الفتاة اعتذرت نيابة عن أمها، أو كيف فهمت هذا الموقف الذي حصل، ولكن لا مانع أيضا أن الإنسان يراجع نفسه، خاصة عندما يكون مخطئا ليتفادى الأسباب التي تجلب له الكلام، وتجلب له الأشياء التي لا يحبها.
ودائما ننصح كل فتاة من بناتنا أن تكون للفتاة عدد من الصديقات، فإذا فترت العلاقة مع هذه، أو انتقلت إلى مدرسة أخرى، أو ابتعدت من مكان، كانت لها في الصديقات الأخريات غنية، والمؤمنة تحب أخواتها جميعا، وتزيد في محبة المطيعة لله تبارك وتعالى منهن، ونسأل الله أن يعينك على الخير، ولا تكثري اللوم لنفسك.
ومن المهم أيضا أن يستفيد الإنسان من مواقفه وتجاربه وعلاقاته، أكرر: الفتاة قد لا تكون مسؤولة عما حصل من والدتها، بل والدتها قد لا تكون مسؤولة إذا فهمنا التصرف، وقد تكون الوالدة أيضا متجاوزة، فالخطأ وارد من كل الأطراف، ولكن الإنسان لا ينبغي أن يقف مع الأشخاص، ولكن يقف مع المواقف ليصحح موقفه، ليصحح الخطأ إن كان مخطئا، ويصبر إذا كان الخطأ من الطرف الثاني، خاصة عندما تكون والدة الفتاة في مقام الوالدة، ونحن نحتاج أن نصبر على من هم أكبر منا سنا.
نسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه، ونرجو أيضا أن تعودي إلى طبيعتك مع الاستفادة من الذي حصل، فالمؤمنة لا تلدغ من الجحر الواحد مرتين.