السؤال
السلام عليكم..
أنا فتاة أعاني من عدة أعراض: مثل كيس في الرحم، وآلام في العظام، ويوميا أحلم بانقطاع النفس والاختناق، وذلك منذ أن كنت صغيرة، ولكن زاد الأمر معي الآن، لأني أشعر برجل يعانقني أثناء النوم من الخلف، وأستيقظ على شخص يناديني، وعادة ما يكون أحد عماتي أو أمي، وأمتنع عن الصلاة لأيام، وأشعر باكتئاب وحزن، هذا عدا عن كوابيس الكلاب التي تخرج من الأرض، والقطة السوداء التي تحاول الدخول من باب بيتنا، وأنا لا أستطيع منعها.
أفيدوني أفادكم الله، فأنا الآن أصبحت أخاف من أبسط الأشياء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل سوء ومكروه. ونصيحتنا لك ابنتنا العزيزة تتلخص في الآتي:
أولا: ننصحك بالأخذ بالأسباب والتداوي، فإن ما في الجسد من الخلل والاعتلال قد يؤدي إلى مظاهر شتى من اختلال نفسية الإنسان وشعوره بالكآبة وغير ذلك، وهذا أمر يعرفه الأطباء، وينبغي أن تأخذي بالأسباب وتتوجهي للتداوي، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله داء إلا وأنزل له دواء)، وقال: (تداووا عباد الله).
ومن التداوي -أيتها البنت الكريمة- استعمال الرقية الشرعية واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، فإن القرآن شفاء كما قال الله عنه في أكثر من آية في كتابه العزيز، قال: {وننزل من القرآن ما هو شفاء}، وقال: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء}، وقال: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء}.
فينبغي أن تلجئي إلى الرقية الشرعية، فإنها تنفع بإذن الله تعالى مما نزل بالإنسان ومما لم ينزل به، والرقية الشرعية ما هي إلا أذكار وأدعية، وأحسن ما تفعلينه هو أن ترقي نفسك بنفسك، ولا بأس بأن تستعيني بمن يحسن الرقية الشرعية من الثقات المأمونين، وابدئي بالنساء، واصبري على استعمال الرقية الشرعية وإن طال الوقت في بقاء ما تعانينه، فإن الله تعالى يقدر للإنسان البلاء أمدا وزمنا ثم يكشفه عنه، وفي ذلك خير كثير له.
وأما ما ذكرت من شأن الرؤى المنامية وأن فيها من الكوابيس ما ترينه؛ فهذا أيضا من الابتلاء الذي يبتلي الله تعالى به العبد ويقدره عليه من المكروهات، والرؤى المكروهة من الشيطان، كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: (الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان)، وفي رواية: (الرؤيا الصالحة من الله).
وفي رواية عن عوف بن مالك: (إن الرؤيا ثلاث: منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته، فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة). قال عوف بن مالك: (أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم).
فما يراه الإنسان من الرؤى الواضحة وفيها خير فهي من الله تعالى، أي منسوبة إلى الله تعالى؛ لأنه بيده الخير، وما كان من الرؤى مكروها فإنه منسوب إلى الشيطان؛ لأن الشيطان هو الذي يهول به ويحاول أن يخلق الحزن في قلب الإنسان المسلم، ويهول عليه الأمر، ولذلك نسبت الرؤى المكروهة إلى الشيطان، فلا تبالي بها.
وننصحك باللجوء إلى الآداب الشرعية إذا رأيت شيئا تكرهينه، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين- : (الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث حين يستيقظ ثلاث مرات) يعني: يتفل عن يساره ثلاث مرات، ثم قال: (ويتعوذ من شرها، فإنها لا تضره) قال راوي الحديث وهو أبو سلمة: (وإن كنت لأرى الرؤيا أثقل علي من الجبل، فما هو إلا أن سمعت هذا الحديث فما أباليها) يعني: كان يستثقل الرؤيا لما يرى فيها من المكروه، ويتوقف حصوله له، فلما سمع هذا الحديث وأخذ به وعمل به صار لا يبالي بهذه الرؤى، لأن الله تعالى سيصرف عنه شرها.
وهناك آداب ستة ينبغي للإنسان أن يفعلها حين يرى الأشياء التي يكرهها، في هذا الحديث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم:
1- (فلينفث حين يستيقظ ثلاث مرات).
2- (ويتعوذ من شرها).
3- وفي رواية أخرى: (ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم) وفي رواية: (وليتعوذ بالله من الشيطان ثلاثا)، هذا هو الأدب الثالث.
4- والأدب الرابع: (ويتحول عن جنبه الذي كان عليه) يعني: يتحول إلى جنبه الآخر.
5 - والأدب الخامس: أن يقوم فيصلي، وهذه مأخوذة من حديث عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تعار من الليل، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا، استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته).
6- ألا يتحدث ولا يحدث أحدا من الناس لما يراه من الرؤى المكروهة، (ولا يحدث بها أحدا، فإنها لن تضره).
فإذا التزم الإنسان بهذه الآداب فإن الله تعالى يصرف عنه شر هذه الرؤى فلا تضره.
وبقي شيء مهم جدا يجب علينا نحن أن ننصحك به، ويجب عليك أن تسمعي هذا النصح وتعملي به، وهو: مراقبة الله تعالى في أمر الصلاة، فإن ترك الصلاة أعظم ذنب بعد الكفر بالله تعالى، بل بعض العلماء يرى بأن ترك الصلاة كفر، ولو كان لفريضة واحدة، فاتقي الله تعالى في أمر الصلاة، وحافظي عليها، واعلمي أن الصلاة نور، وهي دافعة للمكروهات التي تعانينها، وفيها من الخيرات والمنافع ما لا يحصيه إلا الله تعالى في الدنيا وفي القبر وفي عرصات القيامة، وفي الجنة، ولهذا شرعها الله تعالى وأمرنا بها، وأكبر ما فيها ذكر الله تعالى، كما قال الله في كتابه الكريم: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر}، وذكر الله تعالى هو الأمان للقلب: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، وذكر الله تعالى هو الطارد للشيطان، فإن الشيطان إذا ذكر الله خنس، وذكر الله تعالى هو الرابط بين الإنسان وبين الله تعالى، والصلاة حصن حصين كما أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، فامتناعك عن الصلاة، وتركك لها باب من الأبواب التي يتسلط بها الشيطان عليك.
نحن على ثقة تامة - أيتها البنت الكريمة - من أنك إذا حافظت على صلاتك، وأكثرت من ذكر الله تعالى، فإن الله تعالى سيذهب عنك هذا المكروه وهذا الحال الذي تعيشنه.
نسأل الله تعالى أن يأخذ بيدك إلى كل خير.