السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة بعمر 19 سنة، شخصيتي انطوائية، وغير اجتماعية، لكن قبل عامين تعرفت على بعض الأشخاص وبنيت معهم صداقات، وكنت أحاول أن أصبح اجتماعية، وأغير من نفسي، فتقربت منهم كثيرا، الآن اختلف الأمر ولم أعد أريد أن أكون اجتماعية، وصرت أكره نفسي كثيرا، لدي العديد من العقد النفسية، كالرهاب الاجتماعي الحاد، عدم تقدير الذات، فقدان الشغف... الخ.
المشكلة أن هؤلاء الأصدقاء الذين تعرفت عليهم، لا زالوا يتصلون بي، ويحاولون التواصل معي، لكني لم أعد أهتم لأمرهم، ولا أريد أن أتكلم معهم، وأشعر بغصة في قلبي عند ما أتواصل معهم.
في الحقيقة لم أعد أريد أن أتكلم مع أي شخص، ولا أريد أي علاقة في حياتي، فماذا أفعل؟ هل آثم إذا قطعت علاقتي معهم هكذا فجأة، وتجاهلت اتصالاتهم ورسائلهم؟ وهل علي إثم إذا تكلمت معهم تكلفا ونفاقا؟ وما الحل الذي يجب أن أقوم به؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل، ونسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضاه، وأن يسعدك بصديقات صالحات يكن عونا لك على طاعة رب الأرض والسماوات.
أرجو أن تعلمي أن الإنسان -رجلا كان أو امرأة- اجتماعي بطبعه، فهو بحاجة إلى الناس، والناس بحاجة إليه، لكنا ننصح بناتنا دائما بأن يكون صداقات مع البنات، مع ضرورة أن يكن صالحات، لأن الإنسان يتأثر بمن حوله وبمن يصادق، (قل لي من تصاحب أقول لك من أنت)، فاحرصي على صحبة الصالحات، وكوني دائما في طاعة رب الأرض والسماوات.
اعلمي أن المؤمنة التي تخالط أخواتها وتصبر خير من التي لا تخالط ولا تصبر، واحرصي دائما على ألا تكون الصداقة هذه على حساب الثوابت، فلا يصلح أن يكون وراءها تضييع للفرائض وتقصير في بر الوالدين وتقصير في الدراسة أو سائر الأمور المهمة.
الصداقة إذا ينبغي أن تكون بمقدار، ومن المهم أن تؤسسي علاقتك مع الصديقات على طاعة الله تبارك وتعالى، فإن كل صداقة وأخوة لا تبنى على قواعد الإيمان والتقوى تنقلب إلى عداوة، قال سبحانه: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}، فاحرصي على أن تؤسسي علاقاتك على طاعة الله، واجعليها أيضا في بيئة الطاعات.
نحن طبعا لا نؤيد الانزواء والبعد عن الصديقات، ولكن نؤيد أن تكون الصداقة بمقدار، والناس أصناف وأشكال، من الناس من هو داء فابتعدي منه، ومن الناس من هو كالدواء نحتاجه أحيانا، ومن الناس من هو كالغذاء نحتاجه مرات أكثر، لأننا نستفيد منه، ومن الناس من هو كالهواء؛ وهؤلاء ينصحون للإنسان ويعينونه على طاعة الله تبارك وتعالى.
بالنسبة للذين كانوا معك من الصديقات يمكن أن تبقي معهن شعرة العلاقة، أكرر: معهن، لأني لا أريد لبناتي أن يصادقن أو يتوسعن فيتكلمن مع الرجال تحت غطاء الزمالة أو نحو ذلك من الكلام، فليس في ديننا زمالة بين رجل وامرأة إلا في إطار المحرمية، بأن يكون خالا، أو عما، أو يكون زوجا، أو أخا، أي: في إطار المحارم.
فالاعتدال في ذلك مطلوب، ولا نريد التوسع الشديد في الصداقات، ولا نريد الانكماش أيضا الزائد، ونسأل الله أن يعينك على الخير.