السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا امرأة متزوجة في ٤٨ من عمري، مضى على زواجي الآن ٢٠ سنة، اكتشفت خلالها أن زوجي كان يخونني لمدة من الزمن، وبعد مواجهته، اعتذر وأبدى ندمه ورجع إلى صلاته، والحمد لله.
يعلم الله أني سامحته، وحاولت تناسي ما حدث والتعايش معه، ولكن المشكلة أن الصدمة أحدثت أثرا كبيرا على صحتي، فمنذ ٢٠١٥ أصابتني أعراض جسمانية مختلفة احتار الأطباء في معالجتها، منها: طنين الأذن المستمر، وأصبحت في مرحلة ما قبل السكري، وأعاني من القولون العصبي، إلى جانب ذلك، أصبحت أعاني من أعراض نفسية غريبة، كالمعاناة من رائحة تشبه البنزين أشمها حتى في أكلي، وكل ما يحيط بي، ولكن أثبتت الأشعة المغناطيسية عدم وجود أي مشكلة في الجيوب.
تنتابني أيضا نوبات هلع فجأة مع كوابيس يومية تؤثر علي طوال يومي، والشعور بالغضب والحزن المستمرين بمجرد استيقاظي من النوم.
لقد راجعت أكثر من عشرين طبيبا متخصصا، إلى جانب أكثر من طبيب نفسي، وصفوا لي أدوية مثل: زولفت، إيفكسور، بريستيك، سيبرالكس، برنتليكس، وسيروكسات، كل ذلك دون جدوى.
الآن أنا محتارة، لا أريد علاجا نفسيا، أريد فقط صحتي، وأن أحيا حياة طبيعية، أفرح، وأستمتع بالحياة حولي مع أبنائي، وأستمتع بما حباني الله به من نعم، شاكرة ومقدرة، رغم أن الإحساس عندي قد تبلد دون قصد، وصرت أكره نفسي لهذا السبب.
أرشدوني، جزاكم الله خيرا: هل أكمل مشواري مع الأطباء النفسيين، أم ماذا هو الحل؟ أفيدوني، أفادكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سنابل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أيتها السيدة الفاضلة- عبر إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا، والفضفضة بما ورد في سؤالك من تفاصيل.
أختي الفاضلة: لا شك أن الصدمة التي مررت بها ليست بالخفيفة أو البسيطة، بل هي أمر كبير عند الله وعند الناس، وأحمد الله تعالى لك أن أمدك بالحكمة، فتعاملت مع الموضوع بحكمة وروية، فتاب زوجك وعاد إلى صلاته، ولك في هذا الثواب الكبير.
طبعا كل هذا ليس بالضرورة أن يخفف الألم النفسي الذي تشعرين به مما ارتكبه زوجك لعدد من السنوات، انزعاجك هذا يبدو أنه تجلى فيما نسميه (الأعراض البدنفسية/النفسوجسدية) أي أنها الأعراض البدنية التي سببها المعاناة النفسية الشديدة.
فالعديد من الأعراض التي ذكرتها في سؤالك -كالقولون العصبي، وربما طنين الأذن أيضا- طالما أن الفحوصات (الأشعة المغنطيسية) لم تؤكد وجود علة ما؛ فغالبا هي أعراض بدنفسية.
من جانب آخر: حقيقة لا أنصحك بأن تستمري على هذه الأدوية، فقد ذكرت ستة أو سبعة أدوية، وجسم الإنسان ليس حقل تجارب، وإنما نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى، علينا أن نحفظها.
ما أنصحك به - أختي الفاضلة - هي جلسات مع أخصائية نفسية، ليس بالضرورة طبيبة نفسية، وإنما أخصائية نفسية، لا تصف الأدوية، وإنما تقدم لك بعض جلسات العلاج النفسي، والتي هي عبارة عن مراجعة بعض الأفكار والمشاعر التي تعتلج داخلك، والتي تتحول إلى أعراض بدنية، هذه الجلسات النفسية تستعمل فيها الأخصائية النفسية علاجا يسمى (العلاج المعرفي السلوكي)، وهو: توجيهك لبعض المهارات النفسية والسلوكية، لتتكيفي مع ما حصل، ولتخرجي من هذه الصدمة التي عانيت منها في هذه الفترة الماضية.
فإذا: أنصحك بأخذ موعد مع العيادة النفسية، ولكن اطلبي (Psychologist) أي: أخصائية نفسية، وليس بالضرورة طبيبة نفسية. فالموضوع يحتاج إلى عدد من الجلسات، ربما بين ثمان إلى عشر جلسات (8 : 10) أقل أو أكثر، على حسب الحاجة، وعلى حسب مدى تفاعلك مع هذا العلاج، و-بإذن الله تعالى- ستجدين الكثير من الراحة في نفسك، مما ينعكس على صحتك البدنية.
سرني جدا ما ذكرت من أنك مقبلة على الحياة، تستمتعين بها، سواء في حياتك الخاصة، أو مع أبنائك، فهذه نعمة عظيمة، فلا شك عندي أنه يبدو من خلال سؤالك أنك سيدة عاقلة، حافظت على علاقتك بزوجك التائب، وحفظت الأسرة، بينما كان يمكن لشخص آخر أن يدمر ويخرب كل هذا.
زادك الله حكمة، وأدعوه تعالى أن يشرح صدرك، ويعينك لتستمري في الإقبال الحيوي على الحياة، ولا تنسينا من دعوة صالحة.
والله الموفق.