السؤال
السلام عليكم.
أنا شخص أعاني جدا من الماضي؛ ليس لأنه ماض سيئ، بل على العكس هو جميل، لكن أنا أعاني منه لأني في الوقت الحالي ليس لدي أصدقاء، وبعيد عن الناس، وأفكر في ذلك الماضي الجميل فقط عندما كان لدي أصدقاء ألعب معهم، وإلى آخره.
وكلما تذكرت ذلك الماضي، وتذكرت حالي السيئ الخالي من الأصدقاء والناس الذين كنت أتحدث معهم، والذين فقدتهم جميعا؛ أحزن وأتضايق.
لست بعيدا عن الله كثيرا، لكني أصبحت أعوض هذه المعاناة بالعادة السرية التي أعتبرها الملجأ الوحيد الذي يجعلني سعيدا، وأنسى كل تلك الكآبة والمعاناة من تذكر الماضي الذي يجعلني لا أخرج من البيت.
أنقذوني بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مشاري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يحتاج الإنسان في أوقات وحدته إلى شخص يحييه، أن يجلس بجوار شخص يجدد فيه الأمل ويشعره بأن هناك من يسمعه ويهتم بأموره وأحواله، فهو (إنسان) كما فسره أهل اللغة مشتق من كلمة (إنس) كونه اجتماعيا بطبعه ولا يقدر على العيش وحده.
فأنت تحتاج إلى أصدقاء يحيطون بك، يخففون عندك حدة الوحدة، وثقل همها، ولا تحزن على ما فات من أصدقاء ففي الناس أبدال، كما قال الشافعي: "ففي الناس أبدال وفي الترك راحة" واجتهد في مصاحبة أصحاب الصلاح والمروءة، الذين يقدرون معاني الصداقة ويحفظون حقوقها.
واحذر أخي الحبيب أن يدخل إليك الشيطان من مدخل الحزن ليفتح شهيتك على المعاصي، كما قال ابن القيم: (لأن الحزن يضعف القلب ويوهن العزم، ويضر الإرادة، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن)، فجفف منابع الحزن داخل قلبك بصنع صحبة صالحة، واقطع سبيل تلك العادة السيئة قبل أن تدمنها.
النصيحة الأخيرة لك -أخي الكريم- هي أن تملأ وقت فراغك، فإذا ملأته لن تجد وقتا للتفكير في تلك الأمور من الأساس، كما قال الشاعر:
إن الفراغ والشباب والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
فحاول أن تملأ وقتك بالدراسة، أو القراءة، أو التعلم، أو مجالسة الصالحين.
وفقكم الله لما فيه الخير دوما.