السؤال
أنا سيدة مطلقة منذ ثلاث سنوات، أعيش مع والدي ووالدتي، وهم كبار في السن، منذ نحو سنتين، وأنا دائما أدعو الله تعالى، وأقوم بالصدقة أن يرزقني زوجا يكون أنيسا وسندا لي، ولم أجد نتيجة، هل هناك أدعية معينة، أو صلاة حاجة أفعلها ليرزقني الله؟ ماذا أفعل؟
ليس لدي أطفال، وأول سنة بعد طلاقي كنت لا أفكر في الارتباط مرة أخرى، بسبب ما مررت به من مشاكل، لكن حصلت بعد ذلك مشاكل في بيت العائلة بسبب تجمعات إخوتي وزوجاتهم فجرحني أخي وزوجته، وحدثت احتكاكات في هذه التجمعات.
أنا غير مرتاحة نفسيا، منذ سنتين تقريبا ودائمة الدعاء أن يرزقني الله زوجا طيبا يعوضني كي تتغير حياتي، ليس لدي صديقات غير صديقة واحدة تقيم خارج البلاد، وأراسلها على الإنترنت ولا نتقابل كثيرا.
أنا أعاني من الفراغ والملل، لا توجد لدي وظيفة، والداي كبار في السن، وأنا الوحيدة وأعيش معهم، إخوتي كلهم متزوجون، وطليقي كان من أقاربنا، ووالداي يصفانه بالطمع، أشعر بالضيق والحزن معظم اليوم، وأصبح ذلك يؤثر على صحتي.
اعذروني على عدم ترتيب أفكاري، أفكر بالاتصال بطليقي مرة أخرى من غير معرفتهم، ولكن أخاف من غضب أبي وأمي، ولا أضمن رد فعل زوجي شخصيا! هل ما زال يرغب في العودة أم لا؟ وهذا يمكن بسبب عدم ظهور شخص آخر في حياتي أحسن منه، يمكن أن أفكر بهذا التفكير.
حاليا لا توجد أمامي فرص زواج توصف بالجيدة، لذلك أفكر هذا التفكير، وأحيانا أخاف من الوحدة؛ لأن والدي كبار في السن، وليس لدي أنيس في الحياة، ولا وظيفة.
أحيانا أحب أن تكون لي حياتي الخاصة، أنا دائمة الدعاء منذ سنتين أن أوفق لزوج مناسب، لكن الآن لا توجد نتيجة، ماذا أفعل في الشعور بالفراغ والملل؟ وأحيانا الوحدة طول اليوم، ماذا أفعل في إحساسي بالاتصال بطليقي مع مواصفاته، ولا أستطيع تنفيذ هذه الرغبة بسبب الخوف من عدم التوفيق.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Marwa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل، ونسأل الله بداية أن يرزقك بر والديك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعيد لك حياة زوجية مستقرة مع الزوج السابق، أو مع من يختاره الله تبارك وتعالى لك من الصالحين، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا يخفى عليك أن رضا الوالدين غاية جليلة، وأمر عظيم، فاغتنمي وجودك مع الوالدين في حسن القيام بواجبك تجاههما، واعلمي أن بر الوالدين مدخل إلى الخيرات، وسبب للتوفيق في الدنيا والآخرة، ثم استمري في الدعاء، إذا كان في الزوج السابق خير من أجل أن يرده الله إليك، واستمري في الدعاء ولا تيأسي.
إن الإنسان الذي يتوجه إلى الله لا بد أن يرضى، فما من مسلم أو مسلمة تدعو الله إلا تفوز بإحدى ثلاث، إما أن يستجيب الله دعوتها، وإما أن يدخر لها من الأجر والثواب، وإما أن يرفع عنها من البلاء والمصائب النازلة، فأنت رابحة في كل الأحوال.
لا نؤيد فكرة الانعزال عمن حولك من الجارات والأخوات والخالات والعمات والمحارم، فإن هؤلاء جميعا لهم دور في إسعاد الإنسان، حتى لو حصلت مع الإنسان بعض المواقف المحزنة، فإنها مواقف تمر، وهذه طبيعة الحياة، وهي ثمن وجودنا بين الناس، ومع ذلك المؤمنة التي تصبر وتخالط المؤمنات خير من التي لا تصبر ولا تخالط، ولا تشغلي نفسك بالتفكير في المستقبل، ولكن عليك بفعل الأسباب.
من فعل الأسباب أن تتواصلي مع أسرة زوجك الأول، وليس من الضروري أن تتواصلي معه، لكن السؤال عن أخواته والسؤال عن والدته، إن كانت تعيش، هذه تعطي مؤشرات مهمة، ومعروف أن المرأة عندما تتواصل مع أهل طليقها الأول هذا دليل على رغبتها في الخير، فهم لسانه الذي يتكلم، وهو يرجع إليهم.
نعتقد أن هذه الطريقة غير المباشرة ناجحة ومفيدة، وإذا وجدت من تتكلم بلسانك من الخالات أو العمات معه، فهذا أمر جميل ومفيد، وهكذا تزوجت خديجة من النبي -صلى الله عليه وسلم- عن طريق صديقتها التي عرضت عليه الزواج.
الأولى بذلك القريبات، العمات، الخالات، وكون الرجل كان أيضا من العائلة هذا مما يسهل المهمة، فستجدين في الفاضلات والصالحات من تستوعب هذه الأمور، بل قد تسمعين من تقول لماذا لا ترجعي لفلان، هنا تقولين على يدك يا والدة، فنعتقد أن هذا أفضل من الدخول في تواصل مباشر.
اهتمي أيضا كما قلنا ببر الوالدين، وأنت صاحبة المصلحة، يعني ليس للوالدين الحق في منعك من أن تعودي إلى زوجك الأول، إذا كان يوصف بأنه طماع، فلن تجدي رجلا بلا عيوب، ولكن إذا ذكرنا الناس، أو ذكرنا الشيطان بعيب الشريك، أو بعيب إنسان، فعلينا أن نتذكر ما فيه من إيجابيات، ثم نتذكر أننا بشر، النقص يطاردنا رجالا ونساء، وطوبى لمن تنغمر سيئاته القليلة في بحور حسناته الكثيرة، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، فالعبرة بأي إنسان بما غلب عليه، وغالب الناس يغلب عليهم الخير، والإنسان في هذه الدنيا لا بد أن يتعايش ويصبر، وإلا فما كل ما يتمناه المرء يدركه.
باختصار: استمري في بر والديك، اتخذي الأسباب ووسعي دائرة العلاقات، توجهي إلى رب الأرض والسموات، كوني عونا للضعفاء والمحتاجين ليكون العظيم في حاجتك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
والله الموفق.