السؤال
لقد عملت مهندسة في مكتب هندسي منذ عدة سنوات، وكان لي زميل بذل مجهوده ليتزوجني، وفي البداية رفضت الارتباط به، ولكن تواجده الدائم معي جعلني أتعلق به كثيرا، ولم يكن لدي مهرب من العمل، فرضيت الزواج به.
كان ضمن شروطه أن يأخذ مرتبي بعد الزواج، ولأني كنت متعلقة جدا به وافقت على كافة الشروط تحت تأثير العاطفة التي انتهزها.
بعد الزواج وجدت أنه مديون بالكثير من المبالغ، وأصبحت أقدم له مرتبي كاملا، وأضحي كثيرا على حساب الملبس والمأكل، وحتى الدواء كي يسدد ديونه في أسرع فترة.
الذي يستفزني جدا ويشعرني بالظلم أنه يضيع الكثير من المال على والديه وإخوته، في الوقت الذي أمتنع فيه عن شراء الأساسيات، حتى نتمكن من تسديد الديون، أشعر بالظلم الشديد كوني كنت موظفة مستقلة بمرتبي وحرة فيه.
الآن علي أن أتنازل لأكمل مسيرة زواجي، وفي البداية كنت قد تحملت هذه التضحية، ولكني أشعر الآن أني أنفق عليه وعلى عائلته، ولا أعتقد أن الله يرضى بهذا، ولم يكن ضمن الاتفاق بيننا أصلا أن يكون أهله مشاركين في المرتب، عدا أنه لا يشاركني أي مسؤولية في البيت وتربية الأطفال.
لقد شاركته تكاليف الزواج والمهر والبيت، حتى إنه لا يوجد إثبات رسمي بكل هذا أمام عائلته.
أرجو أن تفيدوني، فأنا أشعر بالظلم المستمر، فأنا أضحي كثيرا كي نسدد الالتزامات في الوقت الذي تذهب فيه كل هذه التضحيات لعائلته، ومن مرتبي الخاص، وأخشى مصارحته بالموضوع فيتهمني بأني قاطعة رحم، وأني لا أخشى الله في عائلته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رغد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في إسلام ويب، ونشكر لك الاهتمام، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهدي زوجك إلى الخير حتى يقوم بإنصافك ووضع الأمور في نصابها، وأن يهديه لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
لا شك أن ما بين الزوجين أكبر من الأموال، ونسأل الله أن يعينك على حسن تقييم الوضع، بحيث تنظرين لهذا الزوج نظرة شاملة، ما عنده من إيجابيات، ثم تضعين إلى جوارها السلبيات، ثم توازنين، لأنا لا نريد أن تذهبي إلى خيارات صعبة قد لا تكون لك فيها مصلحة.
إذا كان الرجل يستحق هذه التضحيات، ولا زال في قلبك له الميل الذي بدأتم به الحياة، وإذا كان عنده أموال لا يقصر، ويمكن في المستقبل أن يتحمل مسؤوليته، هذه أمور ينبغي أن تنظري فيها وبعمق.
إذا أردت أن تطالبي أو تغيري الاتفاق فليس من المصلحة وليس من الصواب أن تأتي بسيرة أهله، ولكن تطالبي بأن يكون لك نصيب في راتبك، وأنك تحتاجين لبعض الأمور، دون أن تأتي بخبر أهله، لأن الذي يدعوه إلى أن ينفق على نفسه يجبره أن ينفق على أهله، يعني: الشرع الذي يدعوه أن يكون الإنفاق عليه، إنفاق على الزوجة والأبناء في عاتق الزوج، هو الشرع الذي يدعوه إلى أن ينفق على أهله، خاصة والديه إذا احتاجوا، وبالتالي لا تدخلي الأمور في بعضها.
أنت من حقك أن تطالبي بنصف الراتب – أو ربع الراتب – دون أي تفاصيل، دون أي كلام، قولي: (أريد من الراتب كذا، وأريد معاونتك في كذا)، هذه أمور تطالبين بها دون أن تدخلي الأمور في بعضها، فرق كبير بين زوجة تطالب بحقها – وهذا واضح جدا – وبين زوجة تقول: (لا تعطي الآخرين وأعطني) رغم أن الأمور واضحة، لكن الفرق كبير بين الأمرين، فراتبك ملك لك، تأخذينه، وإذا أردت أن تعطيه النصف، الربع، تعطيه ما تيسر، هذا هو الصواب وهذا هو الشرع.
إذا كان هناك مجال ليتواصل معنا ويسأل هو بنفسه سيجد الإجابات الواضحة جدا، فحبذا لو تطلبي منه أن يسأل عن هذا الوضع، يعني: إنسان شرعي، ويبين له أنه يأخذ الراتب كاملا وأنه يقصر في الإنفاق على الزوجة، عند ذلك سيسمع الإجابة، ونسأل الله أن يعينكم على الخير.
مرة أخرى: نحب أن نؤكد طالما هناك أطفال وطالما بينكم حب، فما بينكما أكبر من الدرهم والدينار، فأرجو أن تحسني إدارة هذا الأمر، ولو كان ذلك بالتدرج، تطلبين عشرين في المائة، ثم ثلاثين في المائة، ثم كذا ... يعني: تتدرجين في الطلبات، حتى تعود الأمور إلى وضعها الصحيح.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.