السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أشكركم على هذا الموقع الرائع، وأرجو الرد على سؤالي:
منذ شهر تقريبا تم تشخيصي باضطراب القلق العام، وكانت أعراضه (قولون عصبي شديد يصل أحيانا إلى القيء، وعدم تحمل رائحة الأكل، وقلق شديد، وخوف دون سبب واضح، وتفكير زائد لا أستطيع إيقافه، واكتئاب ونوم خفيف بين النوم واليقظة، أسمع كل شيء حولي، وكأني مستيقظ).
أعطتني الطبيبة دواء لوسترال لمدة أسبوعين بجرعة خمسين، ثم أسبوعين بجرعة 75، والآن تخبرني أن أستمر على جرعة 75 أسبوعين آخرين.
أشعر أن نجاح الدواء يسير جدا معي، لأني إلى الآن أشعر بقلق وتفكير زائد، لا أستطيع التحكم به، وأكثر ما أعاني منه هو النوم، فطيلة الليل يبدو جسدي نائما، ولكني أشعر بكل شيء مع قلق، وطيلة النهار أتثاءب بشدة، حتى يؤلمني فكي.
سؤالي أيضا: هل كل هذا -عافانا الله وإياكم- قد يؤثر على مخي أو قلبي أو يؤثر تأثيرا عضويا لأن هذا يخيفني؟
سؤال أيضا من الأسئلة التي أنشغل بها تلك الفترة: ما هي الدلائل العلمية التي توضح معجزة القرآن وصدقه وأكاذيب الإنجيل، وأسعد أن القرآن هو الصحيح، وأتيقن أن هذا الدين الحق؟ وهل حرام أن يبحث الإنسان ليتيقن أن الإسلام الذي يتبعه هو دين الحق؟ وأنا أصلي وألتزم بأمور الدين.
سؤالي أيضا: لقد اندهشت بأن العلم الحديث أثبت كثيرا ما يوجد في القرآن، ولكن قبل هذا كان العلم على خطأ، هل هذه الفترة اتضح العلم؟ كيف كان يتقبل المسلمون هذا العلم المخالف مع القرآن؟ هل كل هذه الأسئلة لها علاقة بما يرضي الله؟ وهل الله سيسامحني على هذه الأسئلة التي في رأسي أبحث عنها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Asmaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.. بخصوص الجانب الطبي فقد تم الرد عليك في سؤالك الآخر برقم: (2493147)، وبخصوص الجوانب الشرعية نقول:
أولا: بشأن المرض نسأل الله تعالى أن يشفيك، ويكتب لك عاجل العافية، ونصيحتنا لك: أن تأخذ بالأسباب، فإن أقدار الله تعالى يدفع بعضها بعضا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تداووا عباد الله)، والتداوي له جانبان، الجانب الحسي وذلك بالتوجه إلى الطبيب صاحب الثقة والقدرة والمعرفة، والشق الثاني والجانب الثاني هو استعمال الرقية الشرعية، فهي شفاء أيضا ودواء، وقد دلت آيات كثيرة من القرآن الكريم، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، على أن القرآن شفاء بإذن الله تعالى.
نصيحتنا لك أن تستعملي الرقية الشرعية، وأن تديمي استعمالها وأن تصبري عليها، ولا بأس أن تستعيني بمن يحسن الرقية الشرعية من الثقات المأمونين المتبعين للسنة، وهناك كتب أو كتيبات صغيرة في بيان الرقية الشرعية موجودة على الانترنت، ومن أحسنها وأوثقها الرقية الشرعية التي كتبها الشيخ بن وهف القحطاني، ففيها أحاديث صحيحة، نسأل الله تعالى أن يتولى تيسير الخير لك، وأن يصرف عنك كل مكروه.
أما بشأن الأسئلة التي تتبادر إلى ذهنك حول الإعجاز العلمي في القرآن ونحو ذلك، فليس فيها -إن شاء الله- ضرر عليك، ولا على إيمانك، وتقوية الإيمان أمر مطلوب من الإنسان، والتفكر أمرنا الله تعالى به في كتابه الكريم في آيات كثيرة، التفكر في المخلوقات والنظر إلى دقائق صنع الله تعالى وحكمته وقدرته في خلقه، من شأنه أن يقوي هذا اليقين في قلب الإنسان المسلم.
لا يشكل أبدا كون العلم الحديث يثبت حقائق أشار إليها القرآن الكريم، فإن القرآن يفهمه الناس فهما متفاوتا، فهم يفهمون إعجاز القرآن الكريم، ولكن بالقدر الذي يسمح به إدراكهم وتسمح به علومهم في زمانهم، فالقرآن يتكلم عن سعة السماء، مثلا، فيقول: ( والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون)، فيفهم الإنسان العادي أو الإنسان العربي في الزمان الأول من زمان الإسلام سعة السماء وكبر حجمها، وأنها في اتساع، فهذا القدر من العلم مفهوم معلوم لديهم.
العلم الحديث يثبت تفاصيل في هذا الاتساع وفي كيفية حدوثه، فيكون زيادة في إيمان الإنسان المسلم، وهكذا في سائر العلوم التي يحدثنا عنها القرآن، فإن الأصل في المعنى مفهوم لدى العربي القديم الذي كان يسمع هذا القرآن، ومعلوم لدى الصحابة معاني هذه الآيات القرآنية إجمالا، ولكن التفاصيل تظهر شيئا فشيئا فيزيد العلم ويزيد الإيمان بزيادته، والاشتغال بهذا لا يضر الإنسان بل قد يفيده، ولكن إذا تحول الأمر إلى وساوس فإن الوسوسة علاجها الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، وذلك هو دواؤها النافع لها.
ما ذكرته من أن الإنجيل كاذب فهذا ليس بإطلاق، فالإنجيل الذي نزل من عند الله تعالى صدق وحق نؤمن به، وهو جزء من إيماننا، فإن الإيمان بكتب الله تعالى كلها ركن من أركان الإيمان، ولكن قد اختلط بهذا الإنجيل الباطل الذي حرفه أهل الكتاب، ولهذا فالعلماء يقولون ما جاء في الإنجيل، ومثله التوراة، وباقي الصحف ثلاثة أقسام:
قسم يتوافق مع القرآن الكريم، فهذا حق نؤمن به، وقسم يعارضه القرآن ويكذبه فهذا باطل لا نصدق بأنه نزل من عند الله تعالى، وقسم ثالث لم يتكلم القرآن بما يوافقه وبما يخالفه فهذا موقفنا منه أن نقول: إن كان نزل من عند الله فنحن مؤمنون به، بمعنى أن لا نصدقه ولا نكذبه، فهذا هو الموقف الشرعي من الإنجيل والتوراة، وليس صحيحا أن نكذب كل ما فيهما، ولكن نصيحتنا لك عدم الاشتغال بهذا؛ فإن هذا يحتاج إلى علم وبصيرة ومعرفة ما يوافق القرآن وما لا يوافقه، فاشتغلي بقراءة كتاب الله تعالى ( القرآن) وبتدبره وفهم معانيه، وفيه الغناء والكفاء وفيه السعادة.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.