القلق والخوف مما قد يحدث في المستقبل .. كيف أتعامل معه؟

0 35

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي قلق شديد من الأشياء التي ستحدث في المستقبل، فأنا مقبلة على الزواج، ولدي مخاوف كبيرة من حدوث أي شيء يوقف هذا الزواج، وأشكال المخاوف والقلق تتغير وتتلون، مثلا: قلق من أن يحدث شيء يعرقل إتمام الزواج، وتغلبت عليه.

يأتيني قلق آخر أن زوجي سيتزوج علي مثلا، أو سيحدث شيء سيئ في وقت آخر (لدرجة أنني حدثت نفسي هل سيرزقك الله بكل النعم؟ عمل جيد، وزوج صالح، وأدعو بالذرية الصالحة أيضا).

سمعت الكثير من الفيديوهات الدينية عن القلق والخوف من المستقبل، وبالفعل هدأت نفسي كثيرا، وبدأت أستغفر ربي على هذه الظنون السيئة التي ظننتها في صباح نفس اليوم، ولكن بعد هذا هاجمتني المخاوف مرة أخرى بشكل آخر، أن الله سيحاسبني على سوء الظن هذا، لدرجة أني والله تركت عملي وذهبت لأنام لأوقف هذه الأفكار والمخاوف.

فما هو حل هذه المخاوف؟ أريد أن أعيش حياة طبيعية كما كنت من قبل، أنا في الأساس لدي قليل من المخاوف من المستقبل، ولكن ليس بهذا الحد، ودائما كنت أحسن الظن بالله وأدعو وأتصدق.

والجزء الثاني من سؤالي: لقد صحوت اليوم وأنا أهدأ بكثير، وأقول في نفسي: كله خير، ولن يحدث إلا الخير -إن شاء الله-، ولماذا يحدث الشيء السيئ من الأساس؟ وأنا هادئة تماما، فأتتني أفكار (كيف تقولينها بكل هذه الراحة؟) هل ضمنت أنه لن يحدث شيء؟ أو أنه سيحدث لأنني قلتها وأنا مرتاحة ولست قلقة، وكيف تقولين لماذا سيحدث الشيء السيئ من الأساس وجميع الناس يتم زواجها على خير؟ هل معنى أن لا حاجة للدعاء الكثير الذي تدعينه؟

أرجو أن أجد الإفادة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك مجددا في استشارات إسلام ويب.

هذه الأفكار التي تراودك علاجها الصحيح أيتها البنت الكريمة هو إحسان الظن بالله تعالى، وهذا الظن الحسن بالله تعالى يبعث عليه التفكر في أمور كثيرة، وأولها التفكر في رعاية الله تعالى لهذا الإنسان في حال ضعفه وعجزه، وعدم قدرته على فعل شيء، فمن الذي أمدك بالغذاء، وحفظك من التلف، والمكروهات، وأنت ضعيفة في بطن أمك؟! من الذي أوصل إليك ما تحتاجينه من الغذاء والهواء وأنت في تلك الحال؟! ومن الذي رعاك وأنت في الصغر بعد خروجك إلى هذه الدنيا؟! من الذي حببك إلى والديك وزرع في قلوبهما الرأفة والرحمة، والحب لك والحرص عليك؟! هذا الذي فعل كل هذا الجميل والذي رعانا وآوانا وحفظنا في هذه الظروف الصعبة، مع شدة عجزنا وضعفنا هو الذي يسير أمورنا ويقدر لنا المقادير، ويدبر أمورنا، فإذا تفكر الإنسان في هذه الأمور وهذه الحقائق فإن يقينه بحسن تدبير الله تعالى ورحمته يقوى ويزداد، ويتجه قلبه نحو التوكل على الله تعالى وإحسان الظن به، والله تعالى يقول في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي.

التخوف من المستقبل إن كان خوفا يبعث الإنسان نحو العمل والإنتاج والأخذ بالأسباب، والانتفاع بما يسره الله تعالى له، فهذا التخوف مطلوب محبوب، لأنه يبعث الإنسان نحو الغاية التي أوجده الله تعالى من أجلها في هذه الحياة، وهي التعبد لله سبحانه وتعالى بإعمار هذا الكون، بالنافع من الطاعات والنافع من استغلال خيارات هذا الكون ونفع نفسه ونفع غيره.

أما إذا كان خوفا يصيب الإنسان بالقلق والحزن ويوصله إلى درجات من الضجر والاكتئاب فإن هذا التخوف مصدره النفس والشيطان، ولا حقيقة له، ولا ينبغي للإنسان أن يسكن إليه ويسترسل معه، فقد حذرنا القرآن من مكايد الشيطان، ومكره بالإنسان المسلم فقال: (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ۖ والله يعدكم مغفرة منه وفضلا ۗ والله واسع عليم)، وأخبرنا الله تعالى بأن الشيطان يسعى جاهدا لإيصال الحزن إلى قلب الإنسان المسلم ليعطله عن الاشتغال بالنافع من أمر دينه أو أمر دنياه، فقال سبحانه: (إنما النجوىٰ من الشيطان ليحزن الذين آمنوا)

فينبغي أن تتفكري في نعم الله تعالى الكثيرة التي تعيشينها، وبلا شك لو تأملت أبسط تأمل في أقل وقت في نعم الله تعالى عليك، لوجدت نفسك مغمورة بعطايا وهبات كثيرة من الله تعالى لا تعد ولا تحصى، فالذي وهبك هذا كله هو الذي سيهبك غدا ويعطيك، ولا يعجزه شيء ولا ينقص من ملكه شيء، ولكنه مع ذلك يفعل الأفعال لحكمة، ويقدر المقادير بعلم تام وقدرة تامة، فيقدر لنا ما هو خير لنا وصلاح لنا، وإن كنا نكره بعض هذه المقادير، وقد علمنا الله تعالى ذلك في كتابه فقال: (وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون).

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يصرف عنك كل مكروه.

مواد ذات صلة

الاستشارات