السؤال
السلام عليكم.
قبل سنتين تقريبا في فترة الحجر أصابني شعور بأنني فقدت هويتي، وكأنني لم أعد أنتمي لهذا العالم، وصاحبه كل من القلق والاكتئاب، والخوف من الموت، حتى أنني لم أستطع النوم إلا بمشاهدة فيديوهات اليوتيوب، وبعدها بفترة تقريبا خفت الأعراض، وأصبحت قريبا من الشفاء، ولكن أبي مرض، وهذا زاد من الأعراض، وعدت كما كنت.
مرت الأيام وكنت بخير إلى حد ما إلى عيد الأضحى فأصابني اكتئاب وخوف، خصوصا وأن أبناء أخي الذين كنا نسكن مع بعضنا بصحبة الوالد والوالدة ذهبوا لزيارة الأقارب، وقضوا 3 أيام خارج البيت، فانتابني شعور بالوحدة والعزلة، وبعد مدة من الزمن أصبت بوسواس.
كنت على هذا الحال إلى يوم الخميس الماضي، حيث استيقظت بفكرة أن هذا العالم ممل، وأن الآخرة كذلك، يعني سنكون هكذا إلى ما لا نهاية، وأصبت بذعر رهيب، أحاول أن أنسى هذا الأمر، ولكن الوسواس يأتيني، وأشعر أيضا بوخزات في قلبي.
فكرت في الذهاب إلى طبيب نفسي دون علم أهلي، ولكن أصبح الأمر صعبا علي.
أرجو إغاثتي فإنني والله أصابني من الحزن ما لا أستطيع شرحه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسماعيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك عبر إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
حقيقة كثير من الناس أصابهم قريب مما أصابك من الهلع والقلق والخوف أثناء الحجر المنزلي في وقت ذروة جائحة الكورونا، ولكن الحمد لله تعالى مالت المجتمعات إلى الشفاء والتعافي، والخروج من المرحلة الحرجة لهذه الجائحة غير المسبوقة في عصرنا هذا، فأولا: مما يطمئنك أن كثيرا من الناس عانوا من مثل ما عانيت منه، وواضح أيضا أن إصابتك ولله الحمد لم تكن مستمرة، فقد تعافيت مما أصابك لحد ما، إلا أن إصابة الوالد ومن بعده سفر أبناء أخيك - إلى آخره - جعلك تشعر بالوحدة والعزلة كما ورد في سؤالك، لذلك انتكست حالتك مجددا.
يبدو من الأعراض التي وردت في سؤالك أنك تعاني من حالة قلق وتوتر، صحيح أنك استعملت كلمة الوسواس، ولكن لا أرى فيما ورد في سؤالك أنك تقصد الوسواس القهري، وإنما تقصد أن أفكار القلق والخوف، ونهاية الحياة والموت تراودك بين الحين والآخر، وهي بهذا الوصف إنما هي أعراض قلق وتوتر.
أنصحك بالأمور التالية: يمكنك أولا: وأنت شاب في الثامنة عشر من العمر، يمكنك أن تحاول التخفيف عما في نفسك من خلال القيام بالأنشطة المفيدة، ومنها: الرياضة، والصلاة، والدعاء، فهذا يمكن أن يخفف من توترك وقلقك، {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
لم تذكر لنا فيما إن كنت تدرس أو تعمل، المهم أن تركز جهدك سواء في دراستك إن كنت طالبا، أو في عملك إن كنت تعمل. جرب هذا مع الحرص على ساعات نومك الكافية، والخروج إلى الطبيعة، والتغذية المناسبة، جرب هذا لثلاثة أشهر، فإذا تم التحسن والتعافي فهذا مبتغانا، وأدعو الله تعالى لك بالشفاء، ولكن إن لم تتغير الحالة أو ازدادت، فأنصحك بأن تطبق ما فكرت فيه في أن تذهب إلى الطبيب النفسي؛ ليفحص الحالة النفسية والعقلية، ويضع التشخيص المناسب، وهو بدوره سيصف لك الخطة العلاجية التي ستكون إما: علاجا دوائيا، أو علاجا نفسيا سلوكيا دون دواء، أو كليهما معا، المهم التشخيص أولا، ثم العلاج الفعال بأشكاله المختلفة.
أدعو الله تعالى لك بني بالصحة والعافية التامة، ولا تنسانا من دعوة صالحة في ظهر الغيب.