السؤال
السلام عليكم
أنا شاب، كنت أعمل قبل سنتين، وكانت حياتي طبيعية جدا، وكنت مستقرا ماديا واجتماعيا إلى أن أصبت بدوخة، ولقد لجأت إلى عمل كل الفحوصات اللازمة، وكانت سليمة. وبعد مدة أصبت بنوبة هلع وأنا أقود السيارة، وبدأت بعدها الحياة تتغير، وزاد الاكتئاب والقلق إلى درجة أني كنت أخاف من النوم ومن كل شيء في الحياة، وصارت الحياة بلا لون، وبعد ازدياد نوبات الهلع تم فصلي من العمل, لجأت إلى طبيب نفسي، وشخصني بالاكتئاب الحاد مع القلق، ووصف لي سيروكسات سي ار وزنكس، وتم تغيير الزنكس بعد أسبوعين إلى روميرون، وهكذا إلى أن تحسنت حالتي بعد ستة شهور، وتوقفت نوبات الهلع، وقل الحزن والخوف، وقلت الأعراض المصاحبة مثل الإحساس بالحاجة الملحة للتبول، وتسارع نبضات القلب، ورجعت الحياة إلى طبيعتها.
وبعد ستة شهور استشرت الدكتور لوقف الأدوية، وتم إيقافها تدريجيا، وبعد ثلاثة شهور من عدم تناولي للأدوية انتكست، ورجعت على السيروكسات سي ار 50 وسيركويل، وحاليا تم تغيير السيركويل إلى تريبتيزول بسبب أن السيركويل 25 يشعرني بالنعاس طوال اليوم.
في الوقت الحالي كل الأمور جيدة، وأنا مستمر على الأدوية، ولكن يصيبني إرهاق مفاجئ في وقت الظهيرة، وحاجة ملحة إلى النوم لبضع ساعات، كما كانت تأتيني وأنا في العمل سابقا.
للعلم أنها كانت أول الأعراض بداية المرض، ولكن الآن لا تأتي إلا إذا كنت منزعجا من أمور معينة في حياتي، كيف أتخلص من باقي الأمور مثل الخوف البسيط من قيادة السيارة، والإحساس بعدم القدرة على الالتزام في العمل؟ هل سوف تختفي هذه الأعراض مثل باقي الأعراض التي اختفت بمرور الزمن؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك أخي الفاضل عبر إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا.
واضح - أخي الكريم - من سؤالك أنك مررت بحالة من الاكتئاب ونوبات الهلع، والتي أثرت على حياتك بشكل أو آخر، كالخوف من قيادة السيارة، حيث أتتك نوبة وأنت تقود السيارة، وكذلك تأثير الاكتئاب على جوانب أخرى في حياتك.
الشيء غير الواضح لي هو: هل فصلت من العمل بسبب الاكتئاب أو نوبات الهلع؟ فهذا غير واضح، أو قد يكون لأسباب أخرى لها علاقة بالضائقة الاقتصادية التي تمر بالعالم، وخاصة أثناء وبعد جائحة الكورونا، وقد يكون تركك للعمل ليس له علاقة بحالتك النفسية.
أخي الفاضل: سرني جدا أنك اهتممت بحياتك وصحتك النفسية، فراجعت الطبيب ووصف لك مضاد الاكتئاب الذي استجبت عليه وتحسنت الأمور، ثم بعد فترة من إيقاف الأدوية انتكست الحالة، هذا الانتكاس - أخي الفاضل - ليس غريبا، وهذا دليل على الحاجة للاستمرار في العلاج لفترة أطول، إلا أنه لا شك أنك ستستجيب هذه المرة، وستتعافى من الأعراض المزعجة كما تعافيت في الماضي.
أريد هنا - أخي الفاضل - أن أنبهك إلى ثلاثة أمور:
الأمر الأول والهام: الاستمرار على الأدوية التي ذكرت وخاصة الزيروكسات، حيث هو دواء فعال لعلاج الاكتئاب ونوبات الهلع، وأرجو أن يكون هذا بالمتابعة مع الطبيب المعالج.
الأمر الثاني: أنبهك إلى محاولة عدم تجنب المواقف والأماكن التي أصبت فيها أو قد تصاب فيها ببعض نوبات الهلع، فالتجنب لا يحل المشكلة، نعم يخفف عنك توتر التواجد في هذا المكان، إلا أنه لا يخدم على المدى الطويل، فهو ليس خيرا وأبقى، فعكس التجنب هو المواجهة، أن تواجه هذه المواقف حتى تعتاد عليها دون توتر، ودون قلق ودون نوبات هلع.
الأمر الثالث: أكيد أنك تفكر في البحث عن العمل، فالعمل ليس فقط بابا للدخل المالي، وإنما هو منظم للحياة ومنظم لبرامجنا اليومية، ويتيح لنا التواصل والحديث مع الآخرين، مما يخرجنا من عزلتنا.
والأمر الآخر: ذكرت معاناتك من شيء من التعب في وقت الظهيرة، وهذا حقيقة ليس مستغربا في هذا الفصل من السنة، وخاصة في بلدك، حيث معروف بالحر في فترة الظهيرة، فكثير من الناس ينتابهم ذلك، ولذلك مما ينتشر في الخليج القيلولة، قيلولة فترة الظهيرة.
وأخيرا: أدعو الله تعالى لك - أخي الفاضل - بالصحة والعافية وتمام الشفاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.