السؤال
السلام عليكم.
أشكركم مقدما.
مررت بظروف شدة ومشاكل في العمل، وتصادف مع سفر الأبناء وأمهم بعيدا عني؛ مما ضايقني كثيرا -وتسبب في الزعل-، وفي هذه الأثناء أصبحت أعاني من حوالي أربعة أشهر من وساوس إيذاء مخيفة للأولاد ولنفسي وأمي، وأحيانا الناس في المسجد، كنت أخاف من السكين والمقص، وأن أقف في البلكونة وأرى أماكن عالية؛ لأنه كان يأتيني وسواس بإيذاء نفسي أو الآخرين، ولكني كنت أعاند وأقف في البلكونة أو أستخدم الأدوات إذا كنت بحاجة لذلك، وصار القولون يتعبني وخسرت من وزني الكثير، ويأتي لي وجع بالصدر، وتشنج خفيف في الرقبة والكتف، وتوتر، وضيق، وكآبة.
استخدمت عشبة saintjohn لفترة 50 يوما مرتين يوميا، ثم ذهبت إلى دكتورة ووصفت لي دواء ELEXOR 75mg بالليل مرة، وimipride 200 mg مرة بعد الغداء، الدواء لمدة 3-4 أشهر، وقالت -إن شاء الله- خير، الحمد الله تحسنت في أول شهر، لكني أريد أن أسأل عن فاعلية الدواء، ورأي حضرتك بالدواء، وإرشادات أخرى لو تكرمت،
الحمد الله أنا أصلي، وأقرأ القرآن، وأذكر الله، وأحاول أن تكون أفكاري إيجابية باستمرار.
عندي سؤال ملح: مازالت تأتيني إلى الآن أفكار الإيذاء متنوعة وفي أماكن كثيرة، من أين تأتي هذه الأفكار السلبية كلها؟ علما أني شخص هاديء وتعاملاتي محترمة ومتدين! وما الحل للوساوس والأفكار السلبية؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ معتز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
من الواضح جدا أن الأعراض الرئيسية لديك هي أعراض الوساوس القهرية، أعراض الخوف من إيذاء الآخرين بالكيفية والصفات التي ذكرتها قطعا تدل على وجود وساوس قهرية، وبفضل من الله تعالى هذا النوع من وساوس العنف لا يتبعها صاحبها أبدا، هذا أمر مؤكد يا أخي، لكن أتفق معك أنها مزعجة، ويجب أن تعالجها سلوكيا.
والعلاج السلوكي له ثلاث مكونات أساسية، وهو: أن يراجع الإنسان الفكرة الوسواسية دون أن يحللها، ثم يخاطب هذه الفكرة قائلا: (أقف، أقف، أقف)، تكرر هذه باستمرار لمدة دقيقتين، ويجب أن تكون جالسا في مكان هادئ داخل الغرفة مثلا، وبعد أن تطبق التمرين الأول، أي تمرين (إيقاف الأفكار) على الفكرة، تنتقل للتمرين الثاني والذي نسميه بـ (صرف الانتباه).
ومن خلال صرف الانتباه تستجلب الفكرة الوسواسية ولا تحللها وفجأة قم باستبدالها بأن تأتي بفكرة أخرى، فكرة تكون جميلة، فكرة تكون فاعلة، مثلا: تأمل في التنفس لديك، وكيف أن الهواء يدخل في الرئتين، وكيف أن الأكسجين ينقل عن طريق الدم إلى أعضاء الجسم المختلفة، وكيف أنه يولد لدينا الطاقات، تأمل هذا – يا أخي – بدقة، ثم قم بعد التنفس لديك لمدة دقيقة. ... وهكذا. هذا أحد التمارين الممتازة، لأنه يحتوي على إعمال الفكر، ويحتوي أيضا على نوع من الفعل، أن تقوم بعد التنفس هذا فعل، وأن تتأمل في طريقة الأكسجين ودخوله في الجسم، هذا نوع من العلاج الفكري.
بعد ذلك تنتقل للتمرين الثالث والذي نسميه (التنفير) ومن خلال هذه التمارين تربط الفكرة الوسواسية هذه بشيء منفر، مثلا تتصور أمامك أن كارثة قد حدثت – لا قدر الله – مثلا احترقت طائرة، تصور هذا المشهد، واستجلب الفكرة الوسواسية في ذات الوقت.
الربط بين الفكرة الوسواسية والمنفر لا شك أنه سوف يضعف الوسواس، لأن الأشياء المتناقضة لا تلتقي في حيز فكري معرفي إنساني واحد.
ومن تمارين التنفير السهلة جدا هو أن تجلس أمام طاولة ثم تقوم بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تحس بالألم. تربط هذا الألم بالفكرة، أي تستجلب الفكرة ثم تضرب على سطح الطاولة بيدك، سوف يقع الألم مع وجود الفكرة. تكرر هذا التمرين عشرين مرة متتالية. هذا تمرين ممتاز جدا.
هذه التمارين الثلاثة يجب أن تطبقها على هذه الأفكار، وقبل بداية التطبيق يجب أن تلجأ إلى ما نسميه بـ (تحليل الوساوس)، اكتب كل هذه الأفكار في ورقة، تبدأ بأضعفها وتنتهي بأشدها، وتطبق الثلاث تمارين على كل فكرة.
بالنسبة للعلاج الدوائي: الـ (إفيكسور ELEXOR) عقار طيب، لكن بكل صدق وأمانة ليس تخصصيا في علاج الوساوس، الدواء التخصصي بالنسبة لك هو عقار (زولفت Zoloft) والذي يسمى علميا (سيرترالين Sertraline)، لكن أنا لن أدعو إلى أي تغيير للدواء، إنما هو مجرد مقترح، ويمكن أن تناقش هذا الأمر مع طبيبك، ربما يمكن أن يضيف الزولفت إلى الإفيكسور، أو حتى الـ (بروزاك Prozac) أيضا دواء رائع جدا، والـ (فافرين Faverin) دواء رائع جدا لعلاج الوساوس.
أما الـ (اميبريد imipride) وهو الـ (دوجماتيل Dogmatil) فلا بأس من تناوله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.