السؤال
كان لدي صديقة، مر على خلافنا أربع سنوات، بسبب موقف لا يستحق، ولا أعلم لماذا ما زلت أتذكر الخلاف، رغم كل المشاغل التي لدي الآن؟!
أنا كنت أتحدث معها كثيرا، لأني كنت أعتبرها صديقتي، وهي كانت لطيفة معي، وكنت أعتقد أنها أيضا تحبني، لكن كنت أرى أحيانا أنها لا تريدنا أن نصبح أصدقاء، أو أني لا أستحق أن نكون أصدقاء.
قالت يوم الشجار إنها لا تحب التحدث كثيرا، وظهر كل الكره الذي كان بداخلها تجاهي ذلك اليوم، وذلك كان أول وآخر شجار بيننا.
أنا بالفعل كنت كثيرة الكلام، وكنت مزعجة بدرجة لا تطاق، ولا أحد يتحمل أن يكون هناك شخص يحدثه ٢٤ ساعة، ولكن هذا لأني كنت بعمر ١٦ سنة، لكن الآن الأمر مختلف، فكل شخص لديه مشاغل الآن، وهناك أشخاص جدد في حياتنا.
تشاجرنا، وأنا كتبت عنها، وكتبت أني كرهتها، وأنها مريضه نفسيا، تبعد من يحبونها عنها، وهي أيضا كتبت عني، لكن لا أهتم أن أقرأها، ثم قمت بحذفها من عندي، وشعرت أن كرامتي هانت، وكنت طوال هذه المدة أفكر أنها هي التي أخطأت، ولكن وضعت نفسي مكانها، وفكرت بمنظور مختلف، وشعرت بالضغط الذي كنت أعاملها به، وأريد أن أعتذر.
هل أعتذر أم أن ذلك سيقلل من كرامتي؟ وهل ستقبل الاعتذار أم أنها ستتكبر علي، وتقول مر الكثير من الوقت، انشغلي بحياتك، واتركيني، وستسخر مني؟
كلما أفكر أن أعتذر يحدث ما يمنعني، لدرجة أني اقتنعت أنه لا خير في صداقتنا، وأجاهد أن أطرد تفكيري في هذا الموضوع كثيرا.
ماذا أفعل؟ وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على إصلاح ما بينك وبين الصديقة المذكورة، ونسأل الله أن يؤلف القلوب وأن يغفر الزلات والذنوب.
لا يخفى عليك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)، فلا شك أن في الاعتذار والبداية لإعادة العلاقة الخير الكثير، والإنسان ينبغي أن يجعل همه إرضاء الله، وينقاد لشريعة الله تبارك وتعالى، ولا ينقاد لمثل هذه الوساوس: ماذا ستقول عني، ماذا سيقول الناس، إلى غير ذلك من الكلام.
جنة الله غالية تحتاج إلى تضحيات، والله تبارك وتعالى قال لنبيه:(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)، ومعنى ذلك أن الشريعة تدعو المسلم والمسلمة إلى أن نصل من قطعنا، ونعطي من حرمنا، ونعفو عن من ظلمنا، وهذا هو الكمال الذي ينبغي أن نسعى إليه، وأنا سعدت جدا أنه دخل في حياتك أخريات وانشغلت، وهي قد انشغلت، ونسأل الله أن يشغلنا بطاعته.
عليه نقترح أن تعيدي العلاقة، تبادري، وبعد ذلك تتفادى الأخطاء، فلا تتكلمي معها كثيرا، وتجنبي الأمور التي كانت تزعجها، واستمري في حياتك ولتبقى بينكما شعرة العلاقة؛ لأن من المصلحة أن يكون للفتاة عدد من الصديقات، حتى لا يحدث مثل هذا الضيق والتركيز وطول الكلام، إلى غير ذلك من الأمور التي قد تزعج هذا الطرف أو ذاك.
بالتالي أنت الآن لك صديقات أخريات ،كما قلت أشخاص جديدة في حياتنا، وهذا معنى مهم، ونحن دائما نريد لفتاة الإسلام أن يكون لها عدد من الصديقات، فإذا مرضت هذه أو تزوجت هذه أو سافرت هذه تجد في الأخريات بديلا يعينها على طاعة الله تبارك وتعالى، عليه نحن ندعوك إلى أن تبادري بالاعتذار، بصرف النظر عن الطريقة التي ستفهمها بها، ثم بعد ذلك تواصلي معها في المناسبات، في الأعياد، في مثل هذه المناسبات التي يستحق أن يتواصل الناس فيها، وحاولي دائما كما قلنا أن توسعي دائرة الصديقات الصالحات؛ لأن في هذا شيئا مفيدا جدا للإنسان، ويكتسب به مهارات، ولا تلتفتي لما حصل سابقا.
اعلمي أن الذي يعيد لك شريط الأحزان، ويعيد لك المشكلة هو الشيطان، فهم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، والشيطان أيضا لا يريد للعلاقات أن تصلح بين الناس، لذلك يجدد ويعيد تلك الجراح، مهما حصل، أرجو أن تطوى تلك الصفحات، أكرر كل ما ذكرك الشيطان، اذكري، تعوذي بالله من الشيطان، افعلي الخير، استفيدي من الدراسة، استغفري ربك إذا كنت تشعرين أنك قصرت في حقها، أو في حق غيرها، الإنسان إذا اشتغل بالطاعات تركه الشيطان، ونسأل الله أن يعينك على الخير، والمهم أن تعتذري وتبادري، وأنت مأجورة في كل الأحوال، سواء قبلت الاعتذار، أم لم تقبله، وليس في ذلك إنزالا لمكانتك أو قدرك؛ لأن الإنسان يرتفع عند الله ويسمو بهذه الشريعة التي فيها، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
نسأل الله لنا ولك ولها التوفيق والسداد.