الوساطة في الحصول على عملٍ ما

0 287

السؤال

كنت متفوقة دراسيا، وأصبحت الأولى على جامعتي، ولم يتحقق حلمي بالتعيين بالجامعة بسبب الوساطة، ثم تم تعييني في وظيفة حكومية مرموقة، ولكن ظل حلمي هو الجامعة، فأكملت دراستي، وتعرضت لصعوبات كبيرة بسبب عدم قدرتي المادية على الاستمرار في الدراسة، ولكني بالرغم من ذلك تحملت وأكملت دراستي، وأخذت الماجستير، ولكن في كل مرة أستطيع الوقوف على قدمي من جديد من أجل حلمي القديم.

أتعرض للفشل ليس بسببي، ولكن بسبب المجتمع، ولذلك أصبحت أكره زملائي الذين حالفهم الحظ وتم تعيينهم، بالرغم من أنني أيضا أحبهم ولا أعرف ما هذا الشعور.

كما أنني أتعرض لمشكلة الوساطة أيضا في عملي، والتي تحرمني أيضا من بعض الحقوق لي في العمل؛ ولذلك فإني كارهة للعمل بسب الوساطة، وأكره الكلية بسبب الوساطة، وأكره كل شيء تتدخل فيه الوساطة، وأفكر كثيرا بهذا الموضوع.

كما أنني أعاني من سوء عائلتي وتصرفاتهم الخاطئة، وأعانى من نظرة المجتمع لي ولأسرتي، على أننا ضعفاء ليس لنا ظهر، وكلما حاولت أن أصبح شيئا هاما في المجتمع أطعن من جديد؛ بسبب أن هناك من هو أحسن مني ماديا أو عنده واسطة.

أصبحت لا أحتمل هذه الأشياء، وأعيش حياتي حزينة بعض الشيء، كما أنني مخطوبة لشخص أحبه، ولكنه أيضا ضعيف بسبب فقره، وليس عنده واسطة! ساعدني -يا دكتور- حتى تكون نفسي وحياتي سعيدة، أرجوك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دعاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله العظيم أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يحقق لك ما تريدين في طاعته.

إن النجاح نعمة من الله تستوجب الشكر، وقد حرم من هذه النعمة الكثير من الناس، فانظري إلى من هم أقل منك حتى تستطيعي أن تعرفي مقدار هذه النعمة، واعلمي أن الإنسان عليه أن يؤدي ما عليه ويبذل الأسباب، ويرضى بتقدير وقسمة الحكيم الوهاب.

فلا تحزني على لعاعة من الدنيا، واعلمي أن نعم الله مقسمة، والسعيد هو الذي يرضى بما تحت يده ويحمد الله على نعمه، فينال بشكره لله المزيد، ويحفظ بطاعته لله ما عنده فلا يزول.

وليس من المهم أن تكون للإنسان واسطة، ولكن المهم هو أن يكون مؤهلا وواثقا من نفسه، وليت كل مسئول علم أنه إذا ولى إنسانا منصبا وفي المسلمين من هو أولى منه، فقد برئت منه ذمة الله ورسوله، وأن ذلك من خيانة الأمانة، وإذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة، فما ينبغي أن نولي قريبا لقرابته ولا وجيها لوجاهته، ولا تظني أن الذين ينالون المناصب بغير كفاءة ويعملون فيها للشهرة يكونون سعداء! كلا ثم كلا، إنهم يشعرون في قرارة أنفسهم أنهم أخذوا ما لا يستحقونه، وأن هذه الكراسي تهتز بهم، فإنها نعمت المرضعة وبئست الفاطمة.

وأرجو أن يبارك الله لك في خطيبك، واعلمي أن الفقر ليس عيبا، كما أن الغنى لا يكون ميزة إلا إذا صحبه إيمان وشكر، وإلا فهو وبال على صاحبه، والمال يطغي ويلهي.

ولذلك فقد رفض سيد التابعين سعيد بن المسيب أن يزوج ابنته من أمراء بني أمية وملوكهم، وزوجها لطالب فقير يراقب القدير، ويرعى الجوار ويحفظ العشير، ومقدار المرء ما يحسنه، وقد نسب إلى علي رضي الله عنه قوله:
ومقدار كل امرئ ما كان يحسنه *** والجاهلون لأهل العلم أعداء

فاحرصي على الإحسان، واعملي لأجل رضى الرحمن، فإن ما سواه وبال وخسران، ولا شك أن الدنيا متاع قليل، فإذا زار الإنسان المقابر يلاحظ العجب، فكأنه ما جاع من جاع، ولا شبع من شبع، وبقي بعد ذلك الثواب الجزيل للطائعين، والوبال والخسران للعاصين.

فاتقي الله في نفسك، واطلبي رضوان الله، وكوني راضية بقسمة الله، وسوف تكونين برضاك وإيمانك أسعد الناس.

والله الموفق.


مواد ذات صلة

الاستشارات