السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني القائمون على هذا الموقع الرائع، أسأل الله لكم التوفيق والسداد، على ما تقدمونه من علم نافع ومساعدة للناس، فجزاكم الله خير الجزاء.
أنا بدر، وأبلغ من العمر 22 سنة، طالب جامعي، أنا إنسان مستقيم في ديني، ولدي الصفات المميزة من النواحي الأخلاقية والعقلية والاجتماعية التي تؤهلني لأن أكون شخصا إيجابيا في الحياة، وعنصرا فعالا فيه، ولكن لدي مشكلة لم أجد لها حلا، ولا وصف إلى الآن، بدأت الحالة قبل سنة تقريبا.
وهي أنني ذات يوم ذهبت مع أحد أصحابي للتنزه، وكنت في قمة الفرح والسرور والمزاج الرائق، فجأة انتابني خوف شديد وتعرق وحالة من التوتر غير المبرر، والشعور بحالة من الهستيريا، كلامي أصبح غير مرتب، وقمت أنفعل، ثم أضحك وقليلا أحزن، أصبحت غريب الأطوار، حتى قام أصدقائي بالضحك والتحقير، كل ذلك بسبب أنني قبل أن أخرج معهم كنت أقرأ عن الأمراض النفسية، وأنا شخصيتي حساسة جدا.
الآن لي سنة كاملة، أخاف أن أخرج إلى أي مكان لكي لا تنتابني هذه الحالة مجددا، علما بأنني مررت بفترة صعبة في عمر 14-18 كانت شخصيتي ضعيفة، وكنت حساسا جدا، والآن أكملت سنة كاملة أشعر فيها بالإحباط والضيق من العيش بسبب كل ما حصل معي.
ويعلم الله أنني أريد أن أتغير للأفضل، وأن أكون شخصا إيجابيا في الحياة، ولكن الأفكار السوداوية، والماضي السيء، وكلام الناس يقتلني يوما بعد يوم، حتى أني لا أتذكر أني جربت لذة النوم.
أتمنى منكم مساعدتي، فأنا أمر بفترة صعبة جدا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Badr حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك الصحة والعافية.
أولا: الحمد لله أنك ملتزم بعباداتك وبالأخلاق الطيبة الفاضلة، فهذه نعمة عظيمة خاصة في هذا الزمان وفي هذا العمر، ونسأل الله تعالى أن تكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
ثانيا: ما حدث لك من حالة نفسية ربما يكون بسبب اطلاعك على الكثير على الأمراض النفسية وعلى أسبابها وأعراضها، وبدأ ذلك في شكل توهم للمرض لحظة ذلك الانفعال الشديد الذي انتابك وأنت خارج مع أصدقائك، والأعراض التي تشكو منها ربما تكون أعراضا مشابهة لنوبات الهلع، ارتبطت بالخروج من الأماكن الآمنة إلى الأماكن التي لا تحس فيها بالأمان، لذا صار موضوع التفكير في الخروج يسبب القلق والخوف، وبالتالي تلجأ للسلوك الآمن وهو البقاء في البيت، حتى لا تتكرر تلك التجربة المؤلمة.
ثالثا: ابننا الفاضل نقول لك: إن العلاج يكمن في تشتيت الفكرة وعدم محاورتها، أو التسليم بها؛ لأنه ليس هناك دليل قاطع بأن ما حدث في الماضي يمكن أن يحدث مرة أخرى، إنما هو مجرد توقع، كما أن أسلوب المواجهة هو أفضل أسلوب يمكن أن يقضي على الخوف تماما، ويمكن أن يكون ذلك بالتدرج، فتبدأ بعملية التخيل أولا، أي أنك تتخيل أنك خرجت مع أصدقائك وذهبت معهم إلى مكان ما، واستشعر كل ما يدور حولك وكل ما يدور في خاطرك، وحاول قياس درجة القلق وأنت تتخيل ذلك، من صفر إلى عشرة، بحيث يكون الصفر أقل قلقا، وعشرة أكثر قلقا، ثم قم بتجربة واقعية، بالذهاب إلى أقرب مكان يطمئن فيه قلبك، واقض فيه زمنا معينا، أي الزمن الذي تقدر عليه، ثم إلى مكان أبعد، وهكذا إلى أن تكسر الحاجز النفسي.
ويمكنك أيضا اصطحاب شخص تطمئن بوجوده معك في بداية الأمر، وفي كل الحالات فكر في خطوات علاج المشكلة وليس في المشكلة نفسها، أي إذا بدأت تشعر بنفس الأعراض كيف أتصرف، اسأل نفسك: هل أتصل على الجهات التي يمكن أن تنقذني مثلا؟ أو أتصل على أصدقائي أو أتصل على أحد أفراد الأسرة؟... حتى تطمئن بأن هناك من يقوم بإنقاذك؛ لأن الذين يعانون من نوبات الهلع دائما لا يشعرون بالأمان، ويتوقعون دائما الأشياء الكارثية، أو أن أفكارهم أفكار كارثية، بأن المصيبة ستكون أكبر، ولذا يقوم الجسم بالدفاع أو بتجهيز الشخص للدفاع عن أي مصيبة تأتي.
كما أن تمارين الاسترخاء وممارستها بشكل مستمر يمكن أن يساعدك كثيرا، وإذا استدعى الأمر –ابننا الفاضل– إلى مقابلة الطبيب فربما يساعد تناولك لبعض الأدوية النفسية، يساعدك كثيرا في تخطي هذه المشكلة والشعور بالأمان وإزالة هذه الأعراض سواء كانت جسدية أو نفسية.
والله الموفق.