السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت لا أصلي ولا أصوم، ولم أكن قريبا من الله، وكنت أفعل المعاصي والذنوب الكثيرة، وفي يوم من الأيام تعرفت على فتاة في أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وتحدثنا كثيرا وقربتني من الله وجعلتني أصلي، وأترك العادات السيئة، تقربت من الله جدا، كل يوم أصلي وأقرأ القرآن وأذكر الله في كل وقت، وتغيرت حياتي 180 درجة بسبب هذه الفتاة، أعجبت بها وأحبتني وأحببتها حتى تعلقنا ببعضنا، والآن نتحدث معا بنية الزواج، لكننا في سن صغير، عمري 17 عاما، وهي 16 عاما، هل حديثنا هذا فيه مشكلة أو فيه معصية أو ذنب كبير؟
يأتيني وسواس قبل النوم، هل الله راضي عن علاقتي بهذه الفتاة؟ حاولنا الابتعاد من أجل الله ولم نستطع، أحبها وتحبني، ويزداد تعلقنا في كل مرة نتحدث فيها، ولا أجد حلا، لا أستطيع النوم في الليل بسبب تأنيب الضمير والوساوس.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.. نشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك خوفك من الوقوع في معصية الله تعالى، وتأنيب الضمير لك دليل على وجود الخير فيك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وصلاحا.
وتخوفك من أن يكون هذا السلوك الذي أنت فيه معصية لله تعالى تخوف في محله، فإن العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه محفوفة بشيء كبير من المخاطر، وهي باب عظيم من أبواب الفتنة، ووسيلة من وسائل الشيطان لإيقاع الإنسان في أنواع من المآثم والمعاصي؛ ولذلك حذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أشد التحذير من فتنة النساء، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
وأخبرنا الله تعالى في كتابه أن وسائل الشيطان لإغواء الإنسان متدرجة، وحذرنا منها، فقال سبحانه وتعالى: (يٰٓأيها ٱلذين ءامنوا لا تتبعوا خطوٰت ٱلشيطٰن ۚ)، والحديث بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه قد يكون مبدأ الطريق وأول هذه الوسائل، وإن كان الشيطان يحاول أن يزينه أولا بكونه أداة خير ونحو ذلك، ولكن الكلام يجر إلى ما بعده في غالب الأحوال، أو في كثير من الأحوال على الأقل، وليس الكلام بين الرجل والمرأة الأجنبية كله حرام، إنما حرم الله تعالى ما فيه إثارة للغرائز من الكلام اللين الذي فيه تكسر وخضوع، أو نوع الكلام نفسه إذا كان في شيء لا ينبغي الكلام فيه بين الرجل والمرأة الأجنبية، وأما الكلام الذي يخلو من هذه المحاذير فالأصل فيه أنه حلال مباح، ولكن كون الشاب يرتبط بفتاة ويبادلها الحديث ويتم هذا الحديث بعيدا عن حضور الآخرين هذا الكلام بهذه الطريقة قد يجعل الشيطان بابا يفتحه عليهم ليدخلوا منه إلى أبواب أخرى من الشر والفساد.
لهذا نصيحتنا لك -أيها الولد الحبيب- أن تبادر إلى قطع هذه العلاقة بهذه الشابة، وقد تجد هذا القرار صعبا وشاقا على نفسك، ولكن الحق مر وثقيل، والصبر مثل اسمه مر مذاقته لكن عواقبه أحلى من العسل، والله تعالى يبتلينا ويكلفنا بما نجد مشقة فيه، وهذه المشقة إذا فعلنا ما أمرنا الله تعالى به واجتنبنا ما نهانا عنه متحملين لهذه المشقة فإن الأجر والجزاء من الله تعالى حاصل.
واعلم -أيها الولد الحبيب- أن سعادتك في دنياك وفي آخرتك مربوطة بطاعتك لله تعالى، وهذا وعد الله تعالى لمن آمن وعمل صالحا كما قال سبحانه وتعالى: (من عمل صٰلحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينهۥ حيوٰة طيبة ۖ )، وقد أخبرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه)، فاعلم إذا أن طاعتك لله تعالى ووقوفك عند حدود الله هو مفتاح سعادتك، والسبب الجالب لأرزاقك كلها، فجاهد نفسك واصبر واحتسب وستجد من الله تعالى العون والتوفيق والتسديد.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.