السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم على المجهود المبذول.
أنا دائما أحس أني أقل ممن حولي، دائما أبتسم عند دخولي على زملائي في العمل، أو دخولي على أحد، حتى إن لم يكن هناك ما يستدعي ذلك، وذلك لقلة حيلتي، فأنا لا أستطيع أن أطالب بحقي نهائيا، وأتحامل على نفسي، وأستمر مبتسما، أحب أن أجلس وحيدا، لا أتواصل مع أحد من الأقارب، ولا حتى نسيبي، ولا أعرف كيف يرونني، ربما يعتقدون أنني متكبر، أحيانا أكذب لأحسن صورتي أمام الآخرين، مثلا أقول: إني تضايقت، أو صرخت، أو أن هناك شخصا مهتما بي.
بالمقابل فإني لا أترك حقي في البيت مع والدي ووالدتي وإخوتي وزوجتي، أحس أني لا أعرف نفسي، وأني غريب عنها، ولا أحس بملامحي، ولا بشخصيتي، تائه، أخاف أن آخذ أي قرار في حياتي، لا أحب فكرة أني أتحامل على نفسي، ولا أعرف كيف أتناقش مع أحد أبدا، ولا أتكلم مع أحد، وإذا أبديت نصيحة لأحد، يقول لي: نصيحة ممتازة، علما أني لا أستطيع تطبيقها على نفسي، خاصة لو كان فيها مواجهة مع أحد مثل المدير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Samir حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم لتواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.
معاناتك في مواجهة المجتمع حولك تتخذ أشكالا متعددة، وسنتحدث عن هذه الأشكال وكيفية التعامل معها -إن شاء الله-:
- عدم قدرتك على طلب حقوقك، سواء الحقوق المادية، أو الحقوق المعنوية، أو ما يمكن أن يسمى (رد اعتبار) من الآخرين، جزء من هذه المشكلة يتعلق بانخفاض مهارات التواصل الاجتماعي لديك، والحل هو التدرب على هذا التواصل باستمرار، وليس عيبا أن يتدرب الإنسان على مهارات كان لا يجيدها سابقا، فالحياة كلها مهارات، والتعلم والدراسة إنما هي مجموعة مهارات أكاديمية وتعليمية، ولكنها لا تكفي لإدارة الحياة الاجتماعية التي تتطلب مهارات خاصة يتعلمها الشخص تلقائيا من البيئة المحيطة به كالأسرة والعمل، أو يتعلمها عن قصد بحضور دورات ومحاضرات تدريبية.
- شعورك بعدم القدرة على المواجهة في البيئة الخارجية كبيئة العمل، وفي ذات الوقت قدرتك على المواجهة في البيئة الداخلية في الأسرة مع الزوجة والوالد والإخوة، يشير إلى بعض المخاوف الاجتماعية لديك، ربما بسبب بعض الأفكار السلبية القابعة في الذهن، وعادة تكون أفكارا بسيطة وغير منطقية، لكنها تؤثر في مسار حياتك الاجتماعية والمهنية، لذلك لا بد من الحرص على التعامل مع هذه الأفكار، ويمكنك استعمال سجل الأفكار بشكل يومي ولمدة أسبوعين على الأقل، والفائدة من ذلك هو تقليل هذه الأفكار السلبية ومحاصرتها، وبالتالي تحسين وضعك في التواصل الاجتماعي، يمكنك الاستفادة من هذه الاستشارة برقم (2477007) لمعرفة سجل الأفكار، كما يمكنك البحث في الإنترنت عن سجل الأفكار أو Thoughts Record.
- لا تقلق من شكلك الخارجي، ولا من صورتك أمام الآخرين، فالناس عادة لا تنتبه كثيرا لما تعتقده أنت في نفسك، وكلما حسنت صورتك الذاتية الداخلية تحسنت صورتك الذاتية الخارجية التي يراها الناس.
- حاول أن ترتب أوقاتك، وأن تجعل لك جدولا للأعمال الحركية، والهوايات.
- احرص على استمرار علاقتك الإيجابية بالأسرة، وحسن تعاملك معهم، ولا تسمح لوضعك النفسي أن يجرك إلى إسقاط غضبك المكبوت بسبب البيئة الخارجية أن تصبه داخل المنزل على الزوجة والأولاد، فهذه إحدى حيل الدفاع النفسي والتي تعرف بالإزاحة، وهي أن يتعرض الشخص لضغط في بيئته الخارجية وبدلا من أن يرد على الشخص المخطئ في حقه، فإنه يصب جام غضبه على بيئته الداخلية كالزوجة والأولاد.
- لا شك أن الحرص على أداء العبادات والصلوات في أوقاتها، والمحافظة على الأذكار المشروعة تهدئ النفس، وتبعث فيها الطمأنينة والسكون، ونوصيك بهذا الدعاء العظيم:
عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه وأرضاه- قال: قال رسول الله ﷺ:" ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك؛ أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي؛ إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرحا، قال: فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلمها؟ فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها. أخرجه الإمام أحمد وغيره.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.