ما السبيل للحياة في مجتمع يتمايز الناس فيه بأعراقهم؟

0 28

السؤال

السلام عليكم.

أعيش في مجتمع مسلم متعدد الأعراق، وللأسف يتمايز الناس فيه وفقا للعرق الذي ينحدرون منه، ونشأ عن ذلك انزواء أبنائي عن الناس، وكرهوا الذهاب إلى المدرسة حتى لا يتعرضوا للحرج من زملائهم.

فما السبيل لمواصلة الحياة بصورة طبيعية في هذا المجتمع؟ وما توجيهكم لأولئك الذين يترفعون على غيرهم لمجرد العرق أو النسب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخانا الكريم- في الموقع، ونشكر لك الانتباه لهذه المسألة، ونسأل الله أن يصلح أحوال الأمة، وأن يجمع المسلمين على الحق والهدى والخير، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أرجو أن يفهم الجميع وأن تبسط الفكرة للآباء، فـ (الناس لآدم وآدم خلق من تراب)، هكذا قال عليه الصلاة والسلام :(لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخراء بأنفه، إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي، وفاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم وآدم خلق من تراب).

وربنا العظيم الذي قال: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأثنى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا} لم يقل (لتعاركوا)، ثم وضع المعيار للتفاضل فقال: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، فعلينا أن نغرس في نفوس أبنائنا عندما تشيع مثل هذه المشاعر في بعض المجتمعات، علينا أن نشيع فيهم روح الإيمان، نذكرهم بأن العقيدة هي التي تجمع الناس، وأن الناس إخوة، وأنه (ليس لعربي على عجمي فضل، ولا لعجمي على عربي فضل، ولا لأسود على أبيض فضل، ولا لأبيض على أسود فضل إلا بالتقوى) كما جاء عن رسولنا -صلى الله عليه وسلم-.

ومن المهم جدا تقوية ثقة الأبناء في أنفسهم، بذكر ما عندهم من الإيجابيات. إذا كان الله تبارك وتعالى قد أعطى هذا مالا فقد أعطى الآخر صحة، وإذا كان أعطى هذا مالا وصحة فقد منح الثالث عقلا ذهبيا وقدرة وصحة، فنعم الله مقسمة، والسعيد هو الذي يعرف نعم الله عليه ليؤدي شكرها ثم ينال بشكر ربنا المزيد.

والله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صورنا، ولا ينظر إلى أجسادنا، ولا ينظر إلى أموالنا، ولكن ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا؛ لأن الأعمال عطاء من الله، والأشكال والألوان والأطوال كلها نعم من الله مقسمة، ليس للإنسان فيها كسب، وليس للإنسان فيها عمل.

ولذلك أرجو أن تشيع هذه المعاني، والوالد يبسطها لأبنائه، ويشجعهم، ويجتهد في أن يأخذهم إلى مواطن الصلاة والصلاح، حيث التجمعات، يأخذهم بنفسه، يعاشر الناس، يأتي بأصحابه وأصدقائه من جنسيات مختلفة حتى يعرفوا أن الناس يتعايشون، الكبار يتعايشون، هذه الأزمات تشتد بين الصغار وبين صغار العقول أيضا، لكن إذا فهم الإنسان هذه المعاني الجميلة التي جاء بها هذا الدين العظيم، وأننا إخوة، والله خلقنا من نفس واحدة ثم خلق منها زوجها، إذا أدرك الإنسان هذه المعاني وأدرك أن هذا التفاضل الوهمي لا يضر إلا أصحابه، عند ذلك تهون مثل هذه المسائل.

وقطعا نحن جميعا بحاجة - معاشر المتعلمين - إلى مجهود كبير لهدم صنم العصبية، والنبي يقول: (ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية)، وقال: (ما بال دعوى الجاهلية؟ ... دعوها فإنها منتنة)، الشريعة لا ترضى بهذا، ونحن علينا أن نهتم بما أمرنا به، ونشغل أنفسنا بالمهمة التي خلقنا الله لأجلها، فشجع الأبناء واستمر في التواصل مع موقعنا، وذكرهم دائما بإيجابياتهم، وبأنهم ينبغي أن يكونوا الأعلى بطاعتهم لله تبارك وتعالى، فالإنسان يعلو فقط بطاعته لله وبتقواه لله تبارك وتعالى.

ونذكر الجميع بأن هذا الإسلام العظيم جلس فيه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وأبو بكر القرشي، كلهم يردد:

أبي الإسلام لا أب لي سواه ... إذا افتخروا بقيس أو تميم

نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين، وأن يملأ نفوسهم وعيا وفقها بهذه الشريعة، وأن يهدينا إلى الحق جميعا، نكرر لك الشكر على هذا السؤال، وأرجو أن تستمر في تربية الأبناء وتشجيعهم، ونسأل الله أن يصلحهم، وعلينا أن نعلم أن (المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم، خير من الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم) فلا مجال لأن يعتزل الإنسان، وليس في مصلحته، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والثبات والهداية.

مواد ذات صلة

الاستشارات