السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي مشكلة بخصوص أني إنسان جامد العواطف، وعقلي قاس ودقيق جدا، أشعر أني آلة معدة خصيصا للملاحظة والاستنتاج المنطقي، وأستطيع اختراق أفكار الأشخاص وقراءتها، وأستطيع كسر مختلف الأقفال والخزائن، وأيضا أتنبأ بتصرفات الناس على نحو دقيق أثناء العراك، وإجابات التلاميذ، وأستطيع معرفة حتى الأسئلة التي سيطرحها الأساتذة، وأعرف كيف تعمل مختلف الأجهزة والآلات، ومم تتركب بمجرد النظر إليها، وعدة أمور أخرى، ومعاذ الله أن أدعي علم الغيب.
عندما كنت بعمر 14 سنة، حاول والدي تقدير مستوى ذكائي بثلاثة اختبارات معتمدة عندنا هنا في ألمانيا، وتحصلت على 190 درجة، ومع هذا فإني شخص منعزل تماما دون أصدقاء، وأمقت النساء والعلاقات الجنسية، وأشمئز منها، ولست مصابا بأي طيف للتوحد، ومع هذا فأنا أحب أختي كثيرا، وقد حاولت مساعدتي في اكتساب الأصدقاء، والتخلص من وحدتي دون جدوى، وحاول والدي إقناعي بالذهاب إلى طبيب نفسي، وأرفض ذلك؛ لأني لا أريد أن أشعر وكأني مريض نفسي، فكل ما أفعله في يومي أني أستيقظ مبكرا، وأوصل شقيقتي الصغرى بدراجتي إلى مدرستها، ثم أذهب إلى التنزه في الحدائق والشوارع النائية في المدينة، ثم أصطحب شقيقتي مساء إلى المنزل، ولا أذهب إلى المدرسة إلا نادرا، وإن كنت أحضر بعض الحصص الآن -بعد نصيحتكم لي بالذهاب إليها-، فهل شخصيتي عادية أم أنني أعاني من مرض؟ وإذا وجد فما علاجكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ salah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -بني- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذه التفاصيل، ونشكرك على اهتمامك بأسرتك وأخواتك.
بني: لا أعتقد أنك تعاني من مرض نفسي، وإنما ما تعاني منه هي تحديات وصعوبات للتكيف مع ما أعطاك الله من القدرات الذهنية والذكائية، والتي أشرت إلى بعض أمثلتها في هذا السؤال، ومن العادة أن مثل هؤلاء ممن وهبهم الله قدرات ذهنية فوق العادة أنهم يواجهون صعوبات مدرسية وتعليمية وأسرية واجتماعية، وصعوبات في العلاقات؛ لأنهم مختلفون عن بقية الناس.
لذلك تجد الواحد منهم يعيش وحيدا مع صعوبة إقامة العلاقات مع الآخرين، والعادة -بني- أن الدول المتقدمة تحاول استيعاب هذه الطاقات الشابة والمواهب والقدرات بالشكل المناسب، ولا أحبذ لك أن تقضي أيامك ووقتك في الحدائق وتجوب الشوارع بلا هدف واضح، والذي أنصحك به هي الأمور التالية من أجل عيش حياة قريبة من الطبيعية:
أولا: أرجو أن تنتبه أن مجرد الذكاء والقدرات الذهنية لوحدها لا تكفي لراحة الإنسان، ولنجاحه وعطائه في هذه الحياة، فلا بد من الحاضنة التي تستوعب قدراتك، ألا وهي المدرسة والنظام التعليمي، وهذا طبعا يتطلب منك بعض التواضع في التواصل مع الآخرين، والكثير من الصبر معهم، من أجل أن تنجح في بناء علاقات معقولة مع من حولك، تذكر -بني- أن الناس مختلفون في القدرات، وفوق كل ذي علم عليم.
ثانيا: أتمنى أن تلتحق ببعض النوادي العلمية التي يمكن أن توجه قدراتك ومواهبك وتعينك على استغلالها بالشكل البناء، علما أن هناك أندية على الشبكة الافتراضية (أولاين) للموهوبين والذين يحبون الاختراعات والاكتشافات.
أدعوك إلى أن تتحدث مع المشرف على صفك في المدرسة، ولعله يقتنع بك ويكون مرشدا لك وموجها.
أدعو الله تعالى أن يحفظك، ويعينك على طريقك، وينفع بك أسرتك، والتي من الواضح أنك حريص عليها.