السؤال
السلام عليكم
أنا متزوج منذ سنة ونصف، كتب شرط عند العقد بأن أسمح لزوجتي بالعمل، وهي موظفة، وأنا وافقت، ومرت سنة على زواجنا، وتم فصلها من العمل، وأنا لا أعلم، ولم تخبرني أنها تم فصلها من العمل.
حين أسألها لماذا لم تذهبي إلى العمل؟ تقول لي: إنها في إجازة. وذهبت وقدمت على وظيفة ثانية وأنا لا أعلم، وتم قبولها في الوظيفة، برغم أن الوظيفة غير مختلطة، وحان موعد رحيلها لعمل آخر، وأخبرتني أنه تم فصلها من العمل، وستعمل في وظيفة أخرى، قلت لها هذه المدة 3 أشهر لماذا كذبت علي؟ لماذا لم تقولي لي الحقيقة بأنه تم فصلك من العمل؟ ومن سمح لك أن تذهبي بدون علمي لمقابلة وظيفة ثانية؟ قالت لي هذا قراري، وسأذهب إلى العمل، وأنا أخبرتك الآن، هل تقبل هذا الشيء أو لا؟ قلت لها أنا غير موافق أن تذهبي إلى العمل، وغير موافق أبدا، ولا يرضيني أن تذهبي إلى العمل.
قالت لي سأذهب إلى بيت أهلي، فأخذتها إلى بيت أهلها، وتم الاتصال من أهلها لماذا ترفض أن تذهب إلى العمل، ونحن شرطنا عليك قبل عقد الزواج أنها تعمل، وأنت وافقت؟ فأخبرتهم بكل شيء، وماذا فعلت، قالوا لي ستذهب ابنتنا، فقلت: غير موافق أن تذهب وغير راض، وتفاجأت بعد يوم أنها ذهبت إلى العمل الجديد، وبدأت بعمل موظفة جديدة، ولم تخبرني أنها ذهبت للعمل، ولا تواصلت معي، ولا أهلها حدثوني أنها ذهبت إلى العمل سابقا، بل ذهبت بدون علمي، ما حكم الشرع؟
قلت لها لما ترجعي من العمل اذهبي بيت أهلك، ولا تدخلي منزلي حتى تخرجي من العمل، فما حكم المصروف الشهري وقد ذهبت بدون إذني، فهل أقطع المصروف عنها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا: نشكر لك إنصافك - أيها الحبيب - من نفسك، بذكر ما حصل من قبلك من التزام واشتراط زوجتك عليك أن تخرج للعمل، وذكرك بأن عمل هذه الزوجة ليس فيه ما هو حرام، إذ ليس فيه اختلاط، وهذا القدر من تصرفك دليل على أنك منصف، والإنصاف من أخلاق الإيمان، فقد قال عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه كما في صحيح البخاري: (ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان) منها: (الإنصاف من نفسك)، وقد ذم الله تعالى المطففين الذين يستوفون حقوقهم ويطلبونها كاملة ولكنهم عند أداء حقوق الآخرين يتهربون ويحاولون التخلص منها، فقال سبحانه وتعالى: (ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون * ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين).
ما ذكرته - أيها الحبيب - من أن زوجتك اشترطت عليك في عقد النكاح أن تخرج للعمل؛ فهذا شرط مباح، ويجب عليك الوفاء به، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول -كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما-: (إن أحق الشرط أن يوفى به، ما استحللتم به الفروج)، فما دامت زوجتك قد اشترطت عليك أن تخرج للعمل، ورضيت أنت بهذا الشرط، فإن من حقها أن تخرج، وإذا امتنعت أنت على الإذن لها؛ فإن هذا الشرط الذي وقع في العقد يعطيها الحق في أن تطلب منك الطلاق والفراق دون أن تطلبها أنت بشيء من المهر.
الخلاصة -أيها الحبيب- أنك مكلف بالوفاء بالشرط الذي عليك الذي قد التزمته، فالمسلمون عند شروطهم، وهذا الشرط يوجب عليك أحد أمرين: إما أن تأذن لزوجتك بالخروج كما اشترطت عليك، دون أن تمنعها شيئا من حقوقها في مقابل ذلك، وإما أن تطلقها إذا أردت طلاقها، وامتنعت عن الإذن لها بالخروج، أن تطلقها بالمعروف دون أن تطلب منها شيئا.
هذا هو الحكم الشرعي المترتب على هذا الشرط، ومن ثم فإن امتناعك عن الإنفاق على زوجتك بسبب أنها تخرج بغير إذنك؛ هذا امتناع بغير حق؛ لأن هذا الخروج مبرر ومقبول.
لا يعني الإذن بالخروج، أو اشتراط الخروج وموافقتك على ذلك؛ لا يعني بالضرورة تقصير المرأة في حق زوجها، فإذا امتنعت من حقوق الزوج، فحينها تصبح ناشزة، ويجوز قطع النفقات عنها.
الخلاصة - أيها الحبيب - نحن ندعوك إلى إعادة تقييم الموقف كاملا بإنصاف وعدل، ومحاولة إصلاح ما بينك وبين زوجتك، وإذا كنت ترى بأن الخير لها بأن لا تعمل، فينبغي إقناعها بما تراه بالأسلوب الحسن.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم الألفة بينكما.