السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمي مريضة نفسيا، ولا تعترف بمرضها، ولا تأخذ الأدوية، يجب أن أضع لها الأدوية في الطعام والشراب، وأحيانا بل كثيرا لا تتقبل أخطاءها، مرضها مزمن وملازم لها منذ صغرها تقريبا، وعندما تتعب لا تترك أختي وشأنها، بل تشتمها وتسمعها كلاما قاسيا.
منذ صغر أختي وهي تظن أن أمي تكرهها ولا تحبها، ولا تشعر بأن لديها أما، وعندما كبرت وأصبحت في عمر 17 سنة صارت لا تسكت لأمي، ويتشاجرن على أتفه الأسباب، لا أعرف ماذا أفعل؟ في كل مرة أهدئ الأمور بين أمي وأختي، وأحاول الصلح بينهما، وعندما أذهب للجامعة أخاف على أختي من أمي كثيرا، وأخاف أن تترك أمي البيت، تعبت كثيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ اسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يجزيك عن أمك وأختك خير الجزاء، وأن يشفي والدتك، وأن يحفظكم جميعا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أختنا الكريمة: إننا نتفهم معاناتك، وندرك أن أبعادها النفسية عليك سيئة، لكن لابد ابتداء من التذكير بأمرين:
أولا: الوالدة -أختنا- كما تفضلت مريضة، وهذا يوجب عليك مزيدا من البر، ومزيدا من العناية، ومزيدا من الإعذار، هذه الثلاثة -أختنا- واجبة عليك وعلى أختك في الوقت نفسه، أما البر فلأنها أمك، والبر واجب عليكم وإن لم تحسن إليكم، وأما العناية فلأنها مريضة، وتحتاج منكم إلى تفهم حالها والصبر عليها، وأما الإعذار فلأنها لا تقصد ما تفعل، ولا تريد حتى أدنى الإساءة إليك أو إلى أختك، وهنا لا يجوز لكم أخذ هذه الشدة منها أو القسوة على أي محمل آخر.
ثانيا: أن هذا ابتلاء من الله تعالى، والأجر على الابتلاء عظيم وإن صغر، فعن عبد الله بن مسعور قال: (دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يوعك، فقلت: يا رسول الله، إنك توعك وعكا شديدا، قال: أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم، قلت: ذلك أن لك أجرين؟ قال: أجل؛ ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى؛ شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته، وحطت عنه ذنوبه كما تحط الشجرة ورقها).
والبلاء -أختنا- لا يخلو منه أحد، وأشد الناس بلاء هم أفضل خلق الله تعالى، قال -صلى الله عليه وسلم- : (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل)، وهو الخير للمسلم لا محالة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
والصبر على البلاء أجره لا يحد، قال الله تعالى:(إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، وهو مكفر للإنسان فقد قال -صلى الله عليه وسلم- : (لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده أو في ماله أو في ولده حتى يلقى الله سبحانه وما عليه خطيئة).
هاتان النقطتان -أختنا- لابد أن تترسخ في ذهنك وقلبك أنت وأختك، وأن تعلما أن أجركما عظيم ما دامت هذه الأم الكريمة على قيد الحياة، فإن رحلت عنكم فقد فقدتما شيئا لا يعوض -أختنا- ولا بكنور الأرض.
أختنا الكريمة نحن ننصحك بما يلي:
1- الجلوس مع أختك، والتحدث لها عن فضل الأم ومكانتها عند الله، وكيف أنها صبرت عليكما صغارا، حدثيها عن معاناة أي أم أثناء الحمل والولادة والرضاعة، بيني لها فضل أمها عليها، ومكانتها عند الله، حتى يرق قلبها لها، ويعظم برها في عينها.
2- بيني للأخت الكريمة أن الوالدة مريضة، والمريض لا يتذكر ما يفعل، ولا يرضى بذلك، وأن الواجب علينا مراعاة ذلك، وفق القاعدتين السابقتين.
3- اجتهدي -أختنا- أن تحافظي على إعطاء دواء الوالدة في موعدها، واحتالي على ذلك، واحتسبي الأجر من عند الله تعالى.
وأخيرا: كثرة الدعاء لله تعالى أن يشفيها، وأن يعينكم على برها، إنه جواد كريم، والله الموفق.