السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب أعاني من العادة السرية ومشاهدة الأفلام الإباحية، وكلما حاولت أن أبتعد، الشيطان يقودني للمعصية، فأتوب فيقودني مرة أخرى للذنب، وأنا لا أترك صلاتي واستغفاري، والآن خائف! أصبح هاجس لدي من أن أموت وأنا مذنب على هذه المعصية فيغضب الله علي ويعذبني، وكلما أجد حلا للتخلص من هذه الرذائل، يجد الشيطان طريقه إلي مرة أخرى، لا أخطط لهذا، بل أكون في غفلة، وفجأة أجد نفسي وقعت في الذنب، ولا أعلم كيف فعلت هذا! فأحزن وأبدأ من جديد، وحتى الآن أنا أحارب، فأريد من حضرتكم حلا لمنع الشيطان من الدخول في عقلي.
ليس لدي القدرة على الزواج، وأعاني من الاكتئاب؛ لأن لون بشرتي أبيض والمكان الذي أسكنه أهله ذوو بشرة سوداء، فدائما أعاني من الاضطهاد مما سبب لي الألم والحزن والاكتئاب والقلق، حتى أصبت بنشاط الغدة الدرقية، وأنا منطو على نفسي، ولست اجتماعيا، ولا أحب الخروج؛ حتى أتفادى المشاكل، وأسرتي بسيطة ولا أحب أن يحزنوا، وأتمنى أن تجدوا لي حلا لكل هذه المشاكل.
مع العلم أن كل هذه المشاكل أثرت على دراستي فأصبحت أكره الدراسة، و قررت إن جاءتني فرصة عمل حر في الشرق الأوسط سأترك الدراسة وهذا البلد، ولكني خائف من السفر إلى أوروبا بسبب الفتن، وأن لا أستطيع الحفاظ على نفسي من الزنا، فما رأيكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.
لا شك أن مجاهدة النفس جزء من التكليف الشرعي الذي جاءت به الشريعة ﴿وٱلذین جـٰهدوا۟ فینا لنهۡدینهمۡ سبلناۚ وإن ٱلله لمع ٱلۡمحۡسنین﴾ [العنكبوت ٦٩]. وهذه التكاليف والصبر عليها هي محض ابتلاء ﴿ٱلذی خلق ٱلۡموۡت وٱلۡحیوٰة لیبۡلوكمۡ أیكمۡ أحۡسن عملࣰاۚ وهو ٱلۡعزیز ٱلۡغفور﴾ [الملك ٢].
ورغم حرصك وصبرك على هذه المجاهدة إلا أن نفسك تغلبك فتعود للذنب مرة أخرى، خاصة ذنب المشاهدة، والذي هو أعظم من ذنب العادة السرية نفسها، ولا شك أن من أسباب الإكثار من هذه العادة مشاهدتك للأفلام الإباحية التي تثير فيك الشهوة، والتي تبحث عن محل للتفريغ!
والمشاهدة معصية بالعين، وقد ورد وصف هذه المعصية بالزنا، فعن ابن عباس، قال: ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه رواه البخاري، ولكن مع هذا الوصف فإن الإنسان مأمور بالتوبة كلما عاد ووقع في المعصبة مرة أخرى، فطالما تحققت شروط التوبة الثلاثة فهي مقبولة: وهي الندم على ما فات، والإقلاع عن الذنب، والعزم على عدم العودة إليه مرة أخرى.
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ فيما يحكي عن ربه تبارك وتعالى قال: (أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء) متفق عليه، ولكن عليك اتخاذ الأسباب التي تعينك على ترك الذنب، ومن ذلك:
- الابتعاد عن مصدر المشاهدة (جوال، حاسوب، تلفزيون.. إلى آخره).
- شغل وقتك بأعمال أخرى لا سيما الأعمال الحركية.
- الاهتمام بالحركة والرياضة كالمشي على الأقل.
- الاهتمام بأداء الصلوات جماعة في المسجد.
- إذا لم تنجح في التخلص من إدمان الإباحية بسهولة، فعليك اللجوء إلى العلاج النفسي.
أما بخصوص (الاضطهاد) الذي تعاني منه بسبب لون بشرتك، فهذا أمر طبيعي ينبغي أن تتكيف معه، فكما تعاني أنت من تنمر أصحاب البشرة السمراء، كذلك هم يعانون إذا كانوا وسط أصحاب البشرة البيضاء، والسر في ذلك أن الشخص المختلف عن الآخرين في شكله ولونه غالبا ما يلفت الأنظار إليه، وينال قسطا وافرا من تعليقات الآخرين، ولكنها بالطبع تعليقات في غير مكانها، فلا ينبغي أن تلتفت إليها، وتعامل معهم كأشخاص مرضى اجتماعيين، وهم فعلا بحاجة إلى علاج قيمي وأخلاقي حتى يتركوا هذه العادات الجاهلية التي نهى عنها الإسلام.
ولا داعي للتفكير بالسفر بسبب حصول هذه التعليقات من الآخرين، طالما وضعك المعيشي مستقر، ويمكنك أن تقوم بأداء مهامك الدراسية والوظيفية في بلدك، فالعالم الآخر (أوروبا أو أمريكا) ليست جنة، خاصة هذه الأيام والتداعيات الأخيرة التي قد تجعل بعض الناس يعيد التفكير في العودة إلى بلاده مرة أخرى، رغم سوء الأوضاع في البلدان الأصلية، ولكنها تظل أقل سوءا -أحيانا- مما قد يلاقيه الشخص في بلد الاغتراب.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.