الإحباط سيطر عليّ بسبب دخولي لكلية لا أرغبها.. أرشدوني

0 0

السؤال

السلام عليكم

أنا منذ فترة سألت عن فقدان الأمل بسبب المذاكرة، وأنا كنت في الصف الثالث الثانوي، بذلت كل مجهودي، ولم أتكاسل يوما؛ لأنني كنت أنتظر نجاحا يرضيني.

دخلت الامتحانات، ولم أغش بكلمة، بينما كان كل الذين بجانبي يغشون، وضعت أمامي أن الله يراني، وأنه حرام، ولكن وقت النتيجة حزنت جدا.

رضيت طبعا، ولكن ما زال هناك جزء في داخلي حزين، كنت أريد مكانا آخر، أنا مدركة أن الله يضعني في المكان الأفضل، ولا أريد أن أبتعد عن الله، ولكن غصبا عني، منذ فترة وأنا أبكي باستمرار.

دخلت في اكتئاب، وأصلي كل صلاة في وقتها، ولكن لم أعد أصلي كما كنت من قبل، أصبحت أسرع في الصلاة، وأحيانا أفرغ من الصلاة في دقيقة أو اثنتين، لم أعد أعرف كيف أدعو بشيء، أبكي كل يوم خوفا من أن يبعدني الله عنه، لا أعرف ماذا أفعل؟!

حقا دخلت كلية لا أحبها، لكن رأيت الخير فيها وحاولت مجددا، لكن وجدت أنها أيضا أغلقت، كل باب كنت أذهب إليه، وكل باب كان يغلق بشكل أصعب من الآخر.

بدأت أفكر في إعادة السنة، ولكن لم أتمكن، في النهاية فكرت أن أي مكان سأذهب إليه سأقضي فيه أربع سنوات وسأنتهي، ولن يفرق، أنا فقط أحزن كلما رأيت أحدا يرتدي معطفا، أنا لا أحقد على أحد، وأتمنى لهم الفرحة، لكني أشعر أنني ليتني كنت مثلهم.

لا أعرف كيف أتصرف في أفكاري، ولا كيف أرجع إلى الله، ولا كيف أتأكد أنني رضيت دون أن أكون حزينة، أو حتى كيف أصل إلى حلمي. هل أنا بحاجة للذهاب إلى طبيب نفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسملة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم لتواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.

لقد سررنا كثيرا بأسلوبك وإصرارك على بقائك بجانب ربك رغم ما أصابك من انتكاسات، وهذا شأن المؤمن والمؤمنة دوما يفر إلى الله تعالى في النوائب والشدائد، وفزعك إلى الصلاة والدعاء والاستغفار هو التصرف الصحيح في مثل هذه الحالات: ﴿يـٰۤأيها ٱلذين ءامنوا۟ ٱسۡتعينوا۟ بٱلصبۡر وٱلصلوٰةۚ إن ٱلله مع ٱلصـٰبرين ۝153 ولا تقولوا۟ لمن يقۡتل في سبيل ٱلله أمۡو ٰتۢۚ بلۡ أحۡياۤءࣱ ولـٰكن لا تشۡعرون ۝154 ولنبۡلونكم بشيۡءࣲ من ٱلۡخوۡف وٱلۡجوع ونقۡصࣲ من ٱلۡأمۡو ٰل وٱلۡأنفس وٱلثمر ٰتۗ وبشر ٱلصـٰبرين ۝155 ٱلذين إذاۤ أصـٰبتۡهم مصيبةࣱ قالوۤا۟ إنا لله وإناۤ إليۡه ر ٰجعون ۝156 أو۟لـٰۤىٕك عليۡهمۡ صلو ٰتࣱ من ربهمۡ ورحۡمةࣱۖ وأو۟لـٰۤىٕك هم ٱلۡمهۡتدون ۝157﴾ [البقرة 153-157].

وأرجو أن ترجعي إلى تفسير هذه الآيات، فهي آيات عظيمة فيها سلوى وعبرة لكل من أصيب بمشكلة، أو نزلت به نازلة، صحيح أن حجم مشكلتك قد يبدو صغيرا أو مشكلة بسيطة في نظر الآخرين، لكنها بالنسبة لك تعد مشكلة كبيرة، ربما أوقعتك في الاكتئاب كما ذكرت في ثنايا رسالتك، ولعل الوقوف مع الصورة الذهنية ومعالجتها هي أنسب طريقة للتعامل مع مشكلتك، فأنت مشكلتك معرفية في الأساس، ونعني بذلك الصورة الذهنية.

وإذا لجأت للعلاج عند الأخصائي النفسي، فيمكنك الاستعانة بمعالج يجيد التعامل بالعلاج المعرفي السلوكي، أو العلاج المعرفي على الأقل، وحبذا لو بحثت عن معالج أو معالجة بأسلوب العلاج الواقعي، فهو أكثر الأساليب تعاملا مع الصور الذهنية؛ حيث سيلجأ المعالج عادة للتعامل مع الصورة الذهنية المتعلقة بنظرتك للحياة، ونظرتك للحياة الدراسية على وجه الخصوص، لا سيما وأنه يتضح من كلامك حرصك على دخول كلية الطب، ولكن لم تحالفك الفرصة لذلك، رغم اجتهادك، وهذا قدر الله عز وجل.

وقد سررنا بتعليقاتك حول الرضا بالقدر، وندعوك لمزيد من الاطلاع حول هذه المعاني، ومعاني أسماء الله الحسنى كالحكيم والخبير واللطيف والودود.. إلى آخره.

وقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله، وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان.

فلا ينفع التحسر على الماضي، والندم على الاختيارات التي سلكها الإنسان، فلعل الله تعالى أراد لك أن تكون حياتك هكذا؛ لأنك لو صرت طبيبة مثلا فقد تشقين، أو تصابين بنوع من البلاء لا تعرفين عنه حاليا شيئا؛ ولذلك وجب على المسلمة أن تحمد الله تعالى على كل حال.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مواد ذات صلة

الاستشارات