السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع أني تزوجت منذ سنتين، من فتاة في دولة أجنبية، وهي من نفس بلدي، أعاني الكثير من المشاكل في حياتي بسبب هذا الزواج، وآخر حال وصلت إليه ليلة البارحة حدثت مشكلة بيني أنا وزوجتي، فقد قمت بالجلوس معها، وتحدثنا حول مشكلة بيننا فقامت بالصياح كالعادة، ورفع صوتها، فهي لا تحترمني ولا تسمع كلامي، وتخالفني فيما أقول وأفعل في أغلب الأشياء.
المهم بدأت المشكلة، فتحدثت ثم ذهبت إلى المطبخ، فقامت هي برفع صوتها بالكلام والسب، فرجعت إليها وأخبرتها أن تتوقف عن هذا الصياح؛ لأن الوقت متأخر، والناس نيام، وأنا قريب منها، قامت بالبصق في وجهي، فتماسكت ولم أرفع يدي عليها، لكنها استفزتني، فتعاركنا وتركتها، وذهبت ثم جاءت إلي لتستفزني مرة أخرى! وفي هذه المرة قلت: يلعن هذا الزواج. بمعنى الذي ليس منه خير، فقامت بالرد بلعن أبي، وحين سمعتها نزلت كالصاعقة علي، ولم أتمالك نفسي، فهذا أبي الذي يحبها ويدافع عنها، وهي تلعنه، لا أقول: إني ضربتها ضربا، لكني لا إراديا دفعتها، فقامت بالضرب فتضاربنا قليلا، ثم تركتها خشية أن أضربها.
ظلت هي ترفع صوتها ولا أدري ماذا أفعل! فقمت وصليت ركعتين لله، وهدأت من نفسي، ورأيت أن الأفضل أن أهدئ الموقف؛ لأن الوقت متأخر قليلا، حتى اتصل الجيران بالشرطة من شدة الإزعاج، فجاءت الشرطة وأخبرتنا إن لم نتوقف عن إزعاج الجيران سيقومون بعمل مخالفة.
المهم أن الحال بيننا لا يطاق، فلا أستطيع أن أطلقها وأتركها هنا لوحدها، ولا أستطيع البقاء معها والصبر عليها، فأنا لم أعد أتحمل سلوكها السيئ معي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نشكر لك معالي أخلاقك، وكثرة تسامحك مع زوجتك؛ وهذا دليل على رجاحة عقلك، وحسن إسلامك، وعلامة على أن الله سبحانه وتعالى يريد بك الخير، فإن خير الناس هم أكثر الناس خيرا لأهلهم، كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله..).
النساء -أيها الحبيب- لا يغلبن وينتصرن إلا على الإنسان الكريم الذي تقيده أخلاقه عن استعمال القوة والبطش والفتك بالمرأة، وهي الجانب الأضعف.
صبرك على زوجتك، وتحملك لأذاها، دليل على كريم خلقك، ونصيحتنا لك: أن تأخذ بالأسباب التي بها إصلاح هذه الزوجة قبل مفارقتها، وقبل التفكير في طلاقها، فإن الله سبحانه وتعالى أرشدنا إلى خطوات ينبغي أن تتخذ قبل قرار الفراق والطلاق، فقال سبحانه وتعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ۖ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ۗ إن الله كان عليا كبيرا).
الخطوة الأولى هي: الوعظ، أي النصح والتذكير بحق الزوج، وبعقاب الله سبحانه وتعالى عند التفريط بهذه الحقوق، فاستعن بالأسباب التي يمكن أن تؤثر على زوجتك، وتوصل إليها هذا الوعظ والنصح بطريقة مؤثرة ومقبولة، كالاستعانة بإسماعها المواعظ التي تتكلم عن حقوق الزوج، والاستعانة بمن له كلمة مقبولة عندها، فربما أثرت فيها هذه الأدوات والأساليب، فتكون بذلك أنت قد أحسنت إليها إحسانا فوق الإحسان السابق.
إن لم تفد هذه الوسيلة؛ فانتقل إلى الوسيلة التي تليها، وهي الهجر في الفراش، والهجر له أثره البالغ على المرأة، فإذا لم تصلح هذه الوسيلة وكان في تأديبها بالضرب لا سيما عند الرد عليها وعلى اعتدائها فإنه يجوز، ولكنه لا بد فيه من التزام بالضوابط الشرعية، ومن أهم هذه الضوابط: أنه ضرب للتأديب وليس للانتقام، وليس للعقوبة.
لذا فالتهديد به أنفع من مباشرته بالفعل، وقد أرشد الله سبحانه وتعالى بعد هذه الطرق إلى الاستعانة بمن يصلح الحال بين الزوجين، ولا سيما من القرابة منهما، فهذه الأدوات كلها -أيها الحبيب- من شأنها -إن شاء الله- أن تصلح ولا تفسد، وتجمع ولا تفرق.
مما يعينك على الصبر عليها: أن تدرك حقيقة المرأة التي خلقها الله تعالى عليها، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها.
هذا الحديث يبين فيه الرسول صلى الله عليه وسلم حقيقة المرأة، وأنها تشبه عظام الجنب للإنسان، وهي أي هذه العظام فيها عوج، والمرأة كذلك فيها عوج، وأعوج شيء فيها فكرها ورأسها، وإن أعوج أو أشد العوج الموجود في الأضلاع هو في رأس هذه الأضلاع، وكذلك المرأة.
المرأة فكرها وأخلاقها هو محل العوج، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الإنسان مخير بين أمرين أو متردد بين حالين كلاهما مر: إما أن يستمر معها ويستمتع بها مع بقاء هذا العوج، وإما أن يذهب إلى محاولة تسوية هذا العوج وإنهائه، وذلك لا يكون إلا بفراق هذه المرأة وطلاقها.
الخلاصة -أيها الحبيب- نصيحتنا لك أن تحرص على إصلاح زوجتك ما استطعت، وتصبر عليها ما دام ذلك ممكنا، لكن إن رأيت أنك لا تطيق هذه الحياة وتكرهها ربما كان الفراق حينها خيرا من البقاء، وربما كان الفراق في هذه اللحظة أسهل وأيسر من الفراق بعد أن تحصل بينكما ذرية؛ لما في ذلك من العناء والمشقة على الأبناء والبنات إذا حصل الطلاق بين الوالدين.
نحن نشكر لك مجددا -أيها الحبيب- حرصك على هذه الفتاة، وعلى عدم التخلي عنها، وتقدير مصالحها وظروفها، وهذا كله لا شك أنه عمل صالح، ستثاب عليه إذا قصدت به وجه الله.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.