السؤال
السلام عليكم.
أتقدم بالشكر للقائمين على هذا الموقع، وبخاصة الدكتور/ محمد عبد العليم -حفظه الله، وأطال في عمره-، ثم أما بعد:
قد أصبت بالفصام في سنة ٢٠٠٣م تقريبا، ولم أكن أعلم أني أعاني من الفصام، ولم أكن أريد أن أعترف بيني وبين نفسي أني مصاب بمرض نفسي، بيد أن كل المؤشرات خاصة تراجع قواي المعنوية وطاقتي، وكثرة الوساوس، كانت تدل على العكس.
المهم أني بعد أن وصلت لمرحلة حرجة تطور فيها المرض، وبدأت أسمع أصواتا داخل نفسي، وأقع في أوهام وضلالات، فأخذني أهلي للطبيب النفسي الذي وصف لي أدوية تقليدية، فذهب عني ما كنت أجد، ونمت بعد أن حرمت من النوم أياما وأياما.
اعتقدت أني خرجت من الأوهام بسبب وعيي بها، وليس بسبب الدواء، فبدأت رحلة الحرب مع الدواء الذي اعتقدت أني أدمنته، وكنت كل مرة أحاول إنقاص الجرعة للتخلص منها، فكنت أنتكس حتى أصبت بالاكتئاب عندما نقصت ذات مرة الدواء إلى حد كبير، وأعتقد أن الاكتئاب بسبب فكرة ذهانية كانت مسيطرة علي آن ذاك، وهي أن الناس تتحدث عني بسوء، فأصبت بغم واكتئاب كبير، لم يختف حتى عندما رجعت للدواء بالجرعة المطلوبة، وبعد أن صرت أستاذا للغة العربية، قمت بشن حرب ضروس على الدواء، خرجت منها مستبصرا أشد الاستبصار أني فعلا مريض فصام، لأنتظم بعد ذلك على الدواء، أي منذ سنة 2017م.
أنا أتناول الآن مضادات فصام، هي (سوليان ٢٠٠) مرتين يوميا، وحبة (اولانزابين ٥ وسيروكويل ٢٥) ليلا، وللاكتئاب (سيرترالين ٥٠ حبة وميانسيرين) نصف حبة ليلا.
ما أعانيه الآن هو بعض الاكتئاب الذي يسيطر علي، وفكرة حديث الناس عن الفصامية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رضا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في استشارات إسلام ويب.
أخي: من فضل الله تعالى أن هذا المرض قد أصابك وأنت تقريبا في عمر الثلاثين، وهذا مؤشر مهم جدا؛ لأن أمراض الفصام أيا كان نوعها -خاصة الفصام الاضطهادي أو الباروني أو الشكوكي من النوع الذي أصابك- إذا أصاب الإنسان في عمر صغير –مثلا 15، 16 سنة، أو في أي عمر قبل العشرين أو الخمسة والعشرين– قد تكون مآلات المرض غير إيجابية، مهما أعطي العلاج فسوف يظل هناك شيء من المرض، لكن بعد سن الخمس وعشرين، وبعد أن يكون الإنسان قد أكمل تعليمه وطور مهاراته الحياتية تكون وطأة المرض أخف كثيرا، ويكون العلاج أكثر فائدة ونفعا وجدوى. هذه –يا أخي– حقيقة مهمة وضرورية جدا.
النقطة الأخرى: مراحل العلاج مختلفة، فهنالك الجرعة البدائية، وهنالك جرعة العلاج، ثم تأتي بعد ذلك الجرعة الوقائية، والذي أراه أنك قد وصلت بالفعل لمرحلة الجرعة الوقائية، ومع الاحترام الشديد –أخي الكريم– لمن نصحك باستعمال الـ (سوليان) والـ (أولانزابين) والـ (سيروكويل) لا أرى حقيقة حاجة لأن تستعمل ثلاثة من مضادات الذهان، وإن كان السيروكويل طبعا بجرعة صغيرة، ربما يساعدك للنوم ليلا.
توحيد هذه الأدوية، مثلا تناول دواء واحد كمضادا للذهان، وهو (السيروكويل) مثلا بجرعة كبيرة، ثلاثمائة مليجرام، قد يكون كافيا تماما، معه مائتي مليجرام من السوليان مرة واحدة، وتوجد أدوية مثل الـ (رزبريادون) ومثل الـ (إريبيبرازول).
أنا أعتقد أنه من الضروري جدا أن ترتب هذه الجرعات العلاجية، وطبعا السيروكول يتميز على غيره أنه يحسن المزاج أيضا، فإذا كانت جرعة السيروكويل كبيرة ومعها الـ (سيرترالين) خمسون مليجراما؛ أعتقد أن هذه ستكون كافية جدا.
أخي الكريم: تعديل الأدوية وتقليل عددها مهم جدا من وجهة نظري، وأن تكون الجرعات ليلية، هذا يعطيك نشاطا بالنهار، ويحسن النوم ليلا.
طبعا الاكتئاب أيضا يجب أن يتم علاجه من خلال التفكير الإيجابي، والمشاعر الإيجابية، والأفعال الإيجابية، يجب أن تدفع نفسك دفعا، وتقوي من إرادتك من أجل الإنجاز؛ لأن الإنجاز هو الذي يكافئ النفس، والإنجاز يعود علينا بالمردود الإيجابي، وهو الذي يؤدي إلى تغيير أفكارنا ومشاعرنا لتصبح أكثر إيجابية.
أقصد بالإنجاز –يا أخي- أن تكون نافعا لنفسك ولغيرك، هذا مهم جدا، ترتب جدولك اليومي فيما يخص الحرص على العمل، وتطوير نفسك، الحرص على الواجبات الاجتماعية، الحرص على العبادات، الحرص على صلة الرحم، ممارسة رياضة...هذا كله -يا أخي- مفيد جدا.
أرجو أن تحرص على ذلك، وهذا يعتبر من أفضل طرق علاج وزوال الاكتئاب -بعون الله تعالى-.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.