السؤال
السلام عليكم.
تقدم لي الكثير من الشباب ولكنني كنت أرفضهم، إما لعدم كفاءة ظروفي المالية والحياتية (احتياج أمي المريضة والوحيدة وأخي الصغير لي معهم) وإما لعدم القبول من جانبي تجاه الشخص المتقدم لعدم الكفاءة كما أظن، والآن تقدم شاب أسرتي مقتنعة بصلاحه وأخلاقه، وهو يراعي ظروفي المادية والحياتية التي ذكرتها آنفا، ولكنني لا أقبله في نفسي وأتضايق منه كلما جاء لزيارتنا للحديث مع أمي حول أمور الخطبة، ربما لشكله أو ربما لأسلوبه في الكلام، لا أدري! وأنا لم أعط لأمي ردي النهائي لأني ما بين أنني أخشى أن أفقد رجلا مشهودا له بالصلاح فأكون قد ظلمته وظلمت نفسي، وما بين أنني أخشى أنني تزوجته وأنا لست راضية تماما عنه ولا أطيقه فلا يؤدم بيننا في العيش ولا يجد مني المودة والمحبة التي يريدها، خاصة أن طبعي حاد ولا أتحمل الناس بسرعة فما بال من اضطررت للعيش معه؛ مع العلم أنني استخرت الله أكثر من سبع مرات، ولكنني لم أستقر على رأي، فهل أقبل وأترك أمر القبول لله ثم للعشرة، أم أتقي شر فتنة ومصير كالطلاق أو العيش النكد من البداية؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن العاقلة لا تفرط في صاحب الدين والخلق المشهود له بالخير، والناس شهداء الله في أرضه، وقل أن تجتمع كلمتهم على شخص إلا إذا كان صاحب خلق حسن وصدق وأمانة ودين، واعلمي أن كل خلل ونقص يصلحه الدين، ولكن عدم الدين لا علاج له ولا ينفع مع عدم الدين مال ولا حسب ولا نسب، وهكذا فقد رفع الإسلام سلمان الفارسي ووضع المشرك الشريف أبا لهب.
ونحن ننصحك بالتأني والنظر في هذا الأمر، وتكرار الاستخارة ومشاورة أهل العقل والدين والدراية، كما أرجو أن تنظري وتفكري في الأمر، وهل لهذه الكراهية أسباب حقيقية واضحة أم هي مجرد مشاعر لا سبب لها، فإن العبرة بالنفور الذي تكون له أسبابه المقنعة، (( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ))[البقرة:216]، والسعيدة هي التي تفوز بصاحب دين يعرف أهلها ويقدر ظرفها ويتفهم وضعها، ولا يخفى على أمثالك أن مشاعر الحب تتعمق بطول المعاشرة وتزداد مع الأيام قوة، مع ضرورة أن تخلو مراسيم الزواج من المعاصي.
وأرجو أن تكوني واقعية، واعلمي أن الرجل ليس بشكله ومظهره، ولكن بدينه وأخلاقه، فإن جمال المظهر عمره محدود، لكن جمال الخلق والدين بلا حدود، وابحثي عن الجوانب المشرقة في الرجل، واعلمي أنك لن تجدي رجل بلا عيوب، كما أن المرأة لا تخلو من النقائص والعيوب، وكفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه.
والصواب أن تتوقعي الخير حتى تجدي الخير، واعلمي أن ديننا يدعو للتفاؤل، ورسولنا كان يعجبه الفأل الحسن.
ولا تتردي فليس في التردد خير، فإذا عزمت فتوكلي على الله، وثقي بأنه لن يحدث في كون الله إلا ما إرادة الله.
واجتهدي في طاعة الله، واحرصي على برد والديك، وأحسني إلى أرحامك وكوني عونا لليتم والمسكين ليكون العظيم في حاجك.
واحرص على تقوى الله وابحثي عن التقى، وواظبي على ذكر الله، وخاصة أذكار الصباح والمساء، وعليك بتلاوة القرآن وطاعة الرحمن.
والله الموفق.