السؤال
السلام عليكم.
أعاني من مشكلة منذ سنتين، بدأت في 2019، كنت دائما أشعر بضيقة ويأس وتأنيب ضمير، وكنت دائما أتمنى لو كنت فوق جبل عال أصرخ بأعلى صوتي.
وفي آخر 2019 شعرت أن الحياة أصبحت أفضل من قبل، وشعور الضيقة اختفى، وأحسست أني شفيت من كل شيء، لكن كنت أبكي كل ليلة؛ لأن البكاء يجعلني أحس بالفرح، وفي ليلة كنت أبكي كالعادة، وتخيلت نفسي فوق جبل عال وأصرخ بصوت عال، وشعرت بشعور الضيقة الذي كنت أشعر به في الماضي، وأحسست أن روحي خرجت من جسدي، وفي نفس الوقت شعرت أن رأسي أصبح فيه مشكلة، وشعرت أنه أصبح فارغا، وبدأ جسمي بالاهتزاز وبدأ قلبي يخفق بسرعة، وشعرت بغربة عن الواقع، وصداع وفقدان للشهية.
بعد ذلك ذهبت إلى دكتور نفسي وأعطاني دواء لا أعرف اسمه، وبدأ معي بجرعة 10 mg، لمدة شهر، وشعرت بتحسن بالنسبة للتغرب عن الواقع، والصداع وفقدان الشهية، أما بالنسبة لشعوري بأن رأسي فارغ فلم يذهب.
بعد شهر استبدل الدكتور الدواء وصرت آخذ دواء لا أعرف اسمه أيضا، لكن كان 20 mg، وجربت الدواء لمدة شهر فلم ينفع، وبعد ذلك قطعت الدواء وتركت الدكتور، وتعايشت مع الأمر، مع أني رأسي أصبح فارغا، وكان الأمر صعبا، وكنت دائما أتمنى من الله الشفاء، مع العلم أني كنت لا أصلي!
بعد سنتين حصل موضوع غريب، كنت مستيقظا لوقت متأخر من الليل، وكنت أشرب النسكافيه (القهوة) من نوع ثقيل، وبعد شربها بدأ جسمي بالاهتزاز، وأصبح قلبي يخفق بسرعة، وبعد ذلك شعرت بتغير في الواقع، وصداع أعلى رأسي، وشعرت أني لا أعرف نفسي، وشعرت كأني فاقد للذاكرة، وبعد عدة أيام أحسست أني بلا مشاعر، وكأني ميت!
والآن أرجو منكم النصيحة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيهم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
من وصفك لحالتك في الغالب أن الذي حدث لك هو نوع من القلق الاكتئابي من الدرجة البسيطة، وظل هذا القلق والتوتر الداخلي مصحوبا بالشعور بالضيقة، والأعراض النفسوجسدية الأخرى، ولك رحلة مع الأدوية -كما ذكرت- لكن بكل أسف أنت لا تعرف أسماء الأدوية، ربما يكون عقار (اسيتالوبرام Escitalopram) وهو الـ(سيبرالكس cipralex) أو عقار (بروزاك Prozac) وهو الـ(فلوكسيتين-Fluoxetine) هي الأدوية التي أعطيت لك.
أنا أعتقد أنك في الأصل قد لا تحتاج لأدوية، وفي مثل عمرك أنا أرى من المهم ترتيب نمط الحياة، وأن يكون نمط حياتك إيجابيا، هذا هو المهم.
أنت تحتاج أن تتعامل مع نفسك -خاصة فيما يتعلق بالناحية الغذائية- معاملة خاصة؛ لأنك ذكرت أنك بعد أن شربت النسكافيه حدث لك تفاعل نفسي شديد، والذي اتسم بوجود اهتزاز وخفقان سريع، وتغير الواقع، والصداع، وشعورك أيضا أنك من الناحية المعرفية كأنك لا تدرك أو لا تعرف شيئا، هذه كلها نتيجة لما يمكن أن نسميه بـ (الإغمار) أو (الإطماء الكيمائي) الذي حدث من تناول القهوة، فبعض الناس -خاصة الذين لديهم عدم تحمل للكافيين- تنشط لديهم النواقل العصبية في الدماغ فجأة، وتحدث إفرازات لمواد تسمى بالموصلات العصبية، وتنتج عن ذلك الظواهر والتفاعلات التي حدثت لك.
العلاج يتمثل في أن تتجاهل كل الأمور السلبية: من الناحية الفكرية، ومن ناحية المشاعر، وتتجنب السهر، هذا مهم جدا، الجسد يحتاج لراحة، ويحتاج لترميم، ويحتاج لنوع من المداراة، وهذا لا يتم إلا من خلال تجنب السهر، والحرص على النوم الليلي المبكر، حيث يستيقظ الإنسان وهو نشيط، وحسن التركيز، ولديه الاستعداد والتحضير لقبول الحياة بصورة إيجابية.
بعد أداء صلاة الفجر سيكون من الجميل جدا أن تذاكر مثلا، تقرأ لمدة نصف ساعة، هذا الوقت هو وقت الاستيعاب، وقت تنشيط الذاكرة، فاحرص على ذلك.
أيضا ممارسة الرياضة يجب أن تكون جزءا أصيلا في حياتك، الرياضة تقوي النفوس قبل أن تقوي الأجسام.
اجعل لنفسك برامج يومية لإدارة الوقت؛ لأن من يحسن إدارة وقته يحسن إدارة حياته، واحرص على الواجبات الاجتماعية، على التواصل الاجتماعي؛ فقد وجد الآن وفي دراسات نفسية كثيرة أن من أسعد الناس هم الذين يهتمون بواجباتهم الاجتماعية، الذين يكونون نافعين لأنفسهم ولغيرهم، الذين تكون حياتهم فيها أهداف ووضعوا الآليات التي توصلهم إلى غاياتهم وأهدافهم.
أنا أعتقد بهذه الكيفية -أيها الفاضل الكريم-: سوف تجد أن ذاكرتك ممتازة، وأن صحتك الجسدية على أفضل ما يكون، وكذلك حالتك النفسية؛ إذا ارتقيت بتنظيم حياتك سترتقي صحتك النفسية والجسدية كثيرا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.