السؤال
ابنتي عمرها 24 سنة، جامعية، وتعمل، أعطيناها الثقة، لكن مع الأيام صار الحوار معها صعبا، فهي شخصية جدالية، لا تقتنع بسهولة، وتعاكس الرأى لمجرد أن تمشي رأيها، حتى لو كان غلطا، شخصية صعبة، ولم تعد تعتبرنا كوالدين لنا احترامنا وتقديرنا، مهملة وغير نظيفة، ودائما تريد تنفيذ ما تريد دون أي توجيه، وعند لفت نظرها تثور، وتقول أنا راشدة ومسؤولة عن نفسي، ولا أحد له كلمة علي، أنا حرة بنفسي، كيف نتعامل معها؟
تسيء لنا دائما، وتتجاوز معنا بالألفاظ كأنني لست أمها، وتتهمنا أننا سبب سوء خلقها، رغم اجتهادنا بكل طاقتنا أن تكون تربيتها صالحة هي وإخوتها، لا تساعد أحدا، ترى مصلحتها وراحتها واحتياجاتها مقدمة على أي أحد.
دائما تريد من الجميع خدمتها وتقديرها، وتلبية احتياجاتها، إذا قصرنا تتهمنا بأننا غير صالحين لها، وكيف أننا آباء هكذا، وتزدري تعبنا لأجلها، لا تريد الزواج، وكل من يتقدم لها رغم أننا نراهم مناسبين، ويقدمون أقصى وسعهم لإرضائها إلا أنها متمردة، وتتملص من أي مسؤولية.
أرجو أن تفيدونا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Yaso حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - أختنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهدي الأبناء حتى يعرفوا واجب البر، أسأل الله أن يلهمهم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن ابنتنا الجامعية والكبيرة والصغيرة، الجميع مطالب بأن يكون بارا بوالديه، وينبغي أن يدركوا أن هذا من واجبات الشريعة، وعلينا نحن أيضا معاشر الآباء والأمهات أن نعينهم على برنا، فرحم الله والدا أو والدة أعان ولده على بره، وذلك يكون بالآتي:
أولا: بالدعاء لهم.
ثانيا: بأمرهم بما هو مستطاع.
ثالثا: بالثناء على ما فيهم من إيجابيات وما يحصل منهم من عمل يشكر، يستحق الشكر، ينبغي أن نبادر بالشكر.
رابعا: مراعاة مرحلتهم العمرية التي يمرون بها.
خامسا: الاتفاق بين الأب والأم على خطة موحدة في التعامل معهم.
هذا كله لا يعني أننا نؤيد ابنتنا في هذا الذي تفعله، بل هي على خطر عظيم، ونتمنى أن تشجعوها حتى تكتب إلى الموقع، وتسمع التوجيهات المباشرة؛ لأنا نريد أن نعرف ماذا في نفسها، لماذا تفعل هذا، والأمر بالنسبة لها مشكلة كبيرة؛ لأن بر الوالدين عبادة لله تبارك وتعالى، ربطها العظيم بطاعته، حتى قال ابن عباس: (لا يقبل الله عبادة من لا يطيع والديه).
وإذا تواصلت معنا فنستطيع أن نتفهم معها في كثير من الأمور، وربما تجد راحتها مع موقعها فتذكر ما في نفسها، وتذكر أسباب زهدها في الزواج، وأسباب ما يحصل، حتى نستطيع أن ننظر للأمور من كافة الزوايا.
ونتمنى أن تحاولوا أيضا ملاطفتها، والاجتهاد معها، وتسليط الأضواء على إيجابياتها، وتجنب مقارنتها بغيرها، وحفظ مكانتها ككبيرة داخل البيت، فإننا في البيت ينبغي أن نعلم الصغير يحترم الكبير، وندعو الكبير إلى أن يشفق على الصغير، لأن هذا هو الذي جاء به رسولنا صلى الله عليه وسلم، القائل: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه)، ويظل حق الوالدين عظيم.
فأرجو أن تتسع صدوركم كوالدين لهذا الذي يحدث، واجتهدوا في الدعاء لها، وحاولوا أيضا استبدال الحوار والنقاش معها بالأوامر، الأوامر لا تصلح في هذه المرحلة، واضح أنها تشتكي الآن من أنها كبيرة وراشدة، فالأصلح معها هو الحوار، إذا عليها أن تتصرف كما تتصرف الراشدة، وعلينا أن نحاورها بدل أن نقول: (افعلي كذا) نقول: (أليس من الأفضل، ألا تعتقدي أن هذا أحسن)، فإذا أيضا نراعي هذه الجوانب في تعاملنا مع هذه المرحلة العمرية.
ونتمنى أيضا أن تتواصل ابنتنا معنا حتى تسمع التوجيهات المباشرة، ونستمع لما في نفسها إذا كان ذلك ممكنا، أما إذا لم يكن ممكنا فقد أوصيناكم بالدعاء لها، وتغيير الأسلوب، وتوحيد الخطة، ورعاية سنها، وعدم مقارنتها بغيرها، يعني: هناك بعض الأمور المهمة التي لا بد أن نراعيها في التعامل معها.
وإذا كان لها إخوة في سنها وقريب منها، فمن الأفضل أن يقتربوا منها، ويكون بينهم وبينها حوار، حتى يتفهموا ما عندها، فإن قرب الأجيال وقرب الاعمار يعين على فهم ما عند الطرف الثاني، ونسأل الله أن يعينكم على الخير، وأن يرزق ابنتنا بركم، وأن يعينها على التوبة، وضرورة أيضا أن تدرك خطورة ما يحصل منها؛ لأن هذا عواقبه خطيرة، أن يكون الإنسان عاقا لوالديه مخالفا للتعليمات جاهلا بمصلحته، فهي الآن تسعى في أمور ستضرها بلا شك.
ونسأل الله تبارك وتعالى لها ولأبنائنا ولشبابنا وفتياتنا الهداية والثبات.