السؤال
السلام عليكم.
أحب أن أطرح مشكلتي ومعرفة ما أعاني منه.
1- في سنة 2021 تغيرت حياتي فجأة وعانيت من اضطراب النوم، مع تغير في التفكير، ووجود بعض الوسواس وتردد كلمات ووسواس حول القراءة، وأصبحت أعاني من وسواس النسيان بشكل دائم؛ بسبب ظروف الدراسة والبكالوريا، وعندما أقرأ أي شيء أقول سوف أنساه أو إذا نسيت كلمة أو عكستها لا أستطيع تخطي تلك الأفكار.
2- تطور لدي الوسواس بشكل رهيب وأصبح يأتيني بشكل مراقبة النفس، وكأن شخصيتي منشطرة شطرين، بمعنى عندما أنام أو أستيقظ أو أدرس أو أعمل شخصيتي الأساسية مركزة بالعمل لكن بنفس اللحظة أتكلم مع نفسي وأركز حول نفسي وهل سوف يذهب التفكير والتركيز حول نفسي، وهكذا صراع مع نفسي بأن أتخطى مراقبة نفسي لكن لا أستطيع، وحديث مع نفسي بشكل مستمر، وخلق سيناريوهات داخل عقلي، وأعمل أحداثا، وأحيانا أضحك أو أكتئب حسب الموقف، وأحيانا تأتيني أفكار حول شخص فأصبح أكرهه بدون سبب، وأعلم أن هذه الأفكار غير صحيحة، لكن أشعر بتلك المشاعر والأحاسيس وكأنها حقيقة.
3- أصبح لدي تقلب بالمزاج، وأحيانا تأتيني نوبات اكتئاب أتمنى معها الانتحار، أفقد المتعة بالحياة، وعدم الرغبة والذهاب إلى العمل أو الدراسة، وأصبحت مهملا في كل شيء، ولا أستطيع النوم إلا بعد الساعة السادسة صباحا، وعند النوم أيضا يصبح نومي متقطعا مع كثرة الأحلام والكوابيس.
أريد علاجا مكتوبا فيه اسم الدواء، وما هي حالتي؟ وأريد العيش، فقد يكون حلما أن أعيش بشخصية واحدة بدون وساوس وأفكار؛ لأني أصبحت أقارن نفسي بأي شخص!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عباس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
الوساوس القهرية -أخي الكريم- أيا كان نوعها تكون مرتبطة في حوالي سبعين بالمائة من الناس (70%) بنوع من الاكتئاب الثانوي، والوساوس التي لديك بالفعل هي مرتبطة بالقلق وأحلام اليقظة، ومراقبة الذات بصورة مرضية.
أيها الفاضل الكريم: طبعا هذا أدى بالفعل إلى انخفاض في أدائك الأكاديمي، وأصبحت تعيش في حالة من عسر المزاج، لكن الإنسان لا يتمنى الانتحار -أيها الفاضل الكريم- {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}، والإنسان لا يحل مشكلة بمشكلة أفظع منها، وأنت تعاني من حالة يمكن علاجها، وأنت في سن صغيرة، الله تعالى حباك بالمهارات وبالمقدرات والطاقات التي من خلالها تستطيع أن تغير حياتك وتجعلها أكثر إيجابية.
بالنسبة لهذه الوساوس: يجب أن تحقرها تماما، ولا تتبعها، وتتجاهلها، وتحسن إدارة وقتك؛ لأن الإنسان إذا أحسن إدارة الوقت ورتب وقته، وقسمت الوقت على المهام الحياتية المختلفة، فهنا سوف يتقلص الفراغ الزمني والفراغ الفكري الذهني، ويتحكم الإنسان في مشاعره بصورة أفضل، وتستمتع إن شاء الله تعالى بحياتك.
النقطة الارتكازية في إدارة الوقت هي تجنب السهر؛ لأن تجنب السهر يؤدي إلى راحة كاملة للخلايا النفسية والدماغية والجسدية، ويتحسن التركيز عند الإنسان، ويستيقظ نشطا، ويبدأ يومه بصلاة الفجر، وهكذا ينطلق الإنسان في الحياة.
ممارسة الرياضة بصورة منتظمة أيضا من المتطلبات الحياتية الأساسية الآن، فاجعل لنفسك نصيبا منها. التفاعل الأسري الإيجابي، والسعي دائما في بر الوالدين، يجب أن يكون من الممارسات اليومية لديك، وهذا فيه خير كثير، كما أنه من الضروري أن تحدد أهدافك في الحياة، وتضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك؛ بهذه الكيفية، وحين تتبع مثل هذا النمط من الحياة وهو النمط الإيجابي، سوف تجد أن حياتك قد تغيرت كثيرا.
النوم -أيها الفاضل الكريم-: الساعة البيولوجية لا بد أن يرتبها الإنسان، وذلك من خلال تجنب النوم النهاري، تجنب السهر، ممارسة الرياضة، ومن الضروري أيضا ألا تتناول المنبهات -كالشاي، والقهوة، والبيبسي، والكولا، والشكولاتة، وكل محتويات الكافيين-، هذه يجب أن تتوقف عنها تماما بعد الساعة الرابعة مساء.
بالنسبة للدواء -أيها الفاضل الكريم-: أنا أبشرك أنه بالفعل توجد أدوية جيدة فاعلة، محسنة للمزاج ومزيلة للاكتئاب، وكذلك الوسواس. هنالك دواء يسمى (باروكسيتين Paroxetine) واسمه التجاري (سيروكسات Seroxat)، وهناك دواء آخر يسمى (اسيتالوبرام Escitalopram) واسمه التجاري (سيبرالكس Cipralex)، ويوجد أيضا الـ (بروزاك Prozac) أو ما يعرف علميا بـ (فلوكسيتين Fluoxetine)، ويوجد الـ (زولفت Zoloft) والذي يسمى علميا (سيرترالين Sertraline)، هناك حقيقة مجموعة ممتازة جدا من الأدوية، أنا حقيقة أختار لك من بينها الـ (سيبرالكس) والذي يعرف علميا (اسيتالوبرام)؛ لأنه شديد الفعالية ويتميز بالسلامة.
تبدأ في تناول السيبرالكس بجرعة نصف حبة -أي خمسة مليجرام- يوميا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها عشرة مليجرام يوميا، يفضل تناول هذا الدواء نهارا، استمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم اجعلها عشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.
ويوجد دواء آخر كدواء داعم مهم جدا لحالتك، الدواء الداعم يعرف باسم (ريسيبيريدون Risperidone) سوف يحسن لديك النوم كثيرا، وفي ذات الوقت من خلال فعله التدعيمي سوف يقضى على الاكتئاب وكذلك الوسواس، ويتحسن المزاج كثيرا. الريسيبيريدون يتم تناوله بجرعة واحد مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم تجعلها اثنين مليجرام ليلا لمدة شهرين، ثم واحد مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.
هذه أدوية فاعلة، ممتازة، ومفيدة، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وفي ذات الوقت أيضا عليك بالتطبيقات السلوكية التي تحدثنا عنها، فهي مفيدة، وحين تمازج ما هو نفسي وسلوكي مع الدواء تكون نتائج العلاج رائعة ومفيدة جدا.
جزاك الله خيرا، ونشكرك مرة أخرى على الثقة في إسلام ويب.