السؤال
السلام عليكم
أنا مراهقة، لدي بنات صديقات، إحداهن قريبة جدا، ليس لأني أحبها أكثر، وإنما لأننا نسكن مع بعض، وأنا حين أكون معها أو ترسل لي رسالة أو تتصل لا أشعر بالراحة النفسية.
أحس فقط أني أجاملها، ونحن نعرف بعضنا من الابتدائي، وتقربنا أكثر في السنتين الماضيتين، وعندها شخصية معاكسة لي، فهي عصبية وتصيح، وعندها تقلبات في المزاج، لا أعرف كيف أتعامل معها؟!
إنها أكثر صديقة مستمرة معي، ومؤخرا حدث خلاف مع بنت، وأنا لا أعرف سبب الخلاف، والبنت من صديقاتنا، وضعت (قصة) في حسابها، فشاركتها هذه القصة على حسابي؛ فلما رأت ذلك صديقتي هذه التي تسكن معي، بدأت تقول لي: ابتعدي عني، هذه ليست صداقة، وتقول كلاما فاحشا...الخ، وليست هذه أول مرة.
أحس نفسي أني دائما المخطئة، وعلي الاعتذار، ولا يوجد توازن في علاقتنا، وأنا أصلا عندي مشاكل نفسية، وشخصيتي ضعيفة.
هل أنا فعلا في علاقة سامة؟ وكيف يمكن أن أبتعد عنها بدون أن تحرجني أو تكرهني؟ وكيف يمكن أن تنتهي علاقتنا وأنا أراها كل يوم، وقريبة جدا مني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا- في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يديم الألفة بين القلوب، وأن يهدينا جميعا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
نحن نرجو أن تبقي شعرة العلاقة مع الصديقة المذكورة، واعلمي أن وجود الفتاة مع صديقات واختلاطها مع أخريات أمر يحتاج إلى صبر، والمؤمنة التي تخالط وتصبر خير من التي لا تخالط ولا تصبر، ولكن من المهم أن تدركي أولا أن الصداقة الحقة هي التي تقوم على النصح والتناصح، والتي تقوم على البر والتقوى وأخوة الإيمان، وأي أخوة لا تراعي هذا الجانب تنقلب إلى عداوة، قال العظيم: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين).
نقطة أخرى مهمة جدا، وهي أن الإنسان ينبغي أن يحدد مساحة الصداقة، فهناك صديقات ينبغي أن تبقي معهن شعرة العلاقة، هناك صديقة أخرى قد تقتربين منها أكثر وأكثر، وهناك صديقة أخرى قد تحتاجينها في بعض الأوقات؛ لذلك الصديقات منهن من هي كالغذاء، ومنهن من هي كالهواء، ومنهن من هي كالدواء يحتاجه الإنسان في حالات، ومنهن صداقتها أذى.
على كل حال: من المهم أن تكون هناك شعرة نبقي معها السلام والعلاقات المألوفة، ولذلك أي صداقة يتأذى منها الإنسان ينبغي أن يجعل لها حدودا، ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة، وبإظهار التشاغل والانشغال بأمور أخرى، يعني: يكون الانسحاب تدريجيا، وبمنتهى الهدوء، وبحسن الاعتذار.
كما أرجو أيضا أن تضعي بينك وبين جميع الصديقات حدودا، وفي وجود الجميع تبينين أن الصداقة الحقة هي التي تؤسس على التناصح بيننا، وأنه ينبغي أن يكون بيننا تفاهم وتناصح، لأن المؤمنة مطالبة أن تنصح لزميلاتها، والصداقة ينبغي أن تراعي هذا الجانب.
كذلك أيضا أرجو أن تتفقن جميعا في صداقتكن بأنه ليس لصديقة أن تمنع صديقتها من مصادقة أخريات، هذا قرار خاص، وكون هذه لا ترتاح مع هذه لا يعني أني أجاملها فأرفض تلك لأنها رفضتها، وهذا أمر من الأهمية بمكان، فمن حق كل إنسان أن يختار من يكون حوله، ومن يكون معه، ونحن دائما نفضل أن تكون العلاقة مع الجميع، ولا مانع بعد ذلك من أن تتميز مع أخريات، ولا نؤيد وجود علاقة بين فتاة واحدة في وجود صالحات أخريات، بل كلما توسعت دائرة العلاقة فهذا فيه خير وفيه مصلحة، بحيث إذا سافرت هذه تجد أخريات، وإذا هذه انتقلت إلى مكان آخر أو جاء لها ظرف، أو حتى جاءها الأجل؛ هي لا تكون عندها الصديقة الوحيدة فتصاب بالوحدة.
من المهم أن تحب الأخت جميع أخواتها، وتزيد في محبة المطيعة لله تبارك وتعالى، وتختار من ترى أن فيها نصحا وخيرا بالنسبة لها، ولكن لا تشعر الأخريات بأنهن منبوذات، وإنما نبقي شعرة العلاقة.
كذلك أيضا الإنسان ينبغي أن يقابل الناس ويعاملهم بالحسنى مهما كانوا، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (ائذنوا له بئس أخو العشيرة) فلما دخل هش له وبش - عليه صلاة الله وسلامه - هذه هي المداراة، والمداراة هي أن نعامل كل إنسان بما يقتضيه حاله.
عليه: نحن لا ننصح بترك الصديقة، ولكن ننصح بأن تكون العلاقة لها حدود، ويكون هناك انسحاب من التوسع في العلاقة، وكذلك أيضا ينبغي أن يكون هناك تبادل في النصح فيما بينكم، ونسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.