لا أجد التوفيق في حياتي .. فما نصيحتكم لي؟

0 38

السؤال

أنا أعاني من عدم التوفيق، وحياتي عكس ما أريد! فقر، وعدم إنجاب، يعني أعاني الاثنين معا لا مال ولا بنون؛ حتى شعرت بالملل والبؤس في حياتي.

صراحة لم أجد الله في حياتي رغم الصلاة وقراءة القرآن والدعاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أكرم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك الخير، وأن يقدره لك حيث كان ويرضيك به.

نحن -أيها الحبيب- وإن تفهمنا مشاعرك بسبب ما تعانيه من الحرمان من المال والولد، وهذا أمر محبوب للإنسان بطبيعته التي فطره الله تعالى عليها، ولكننا نخالفك في تفسير هذا بأنه بؤس وعدم توفيق، فالله سبحانه وتعالى يقدر المقادير لحكمة بالغة، فهو أحكم الحاكمين، ومع هذه الحكمة والقدرة هو سبحانه وتعالى واسع الرحمة، أرحم بالمؤمنين من أنفسهم، فيقدر للعبد ما فيه صلاحه وإن كره الإنسان هذه المقادير، كما قال الله في كتابه الكريم: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

ولا ينبغي للإنسان المؤمن العاقل أن ينسى نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، ليقنط ويضجر بسبب حرمانه من بعض ما يحبه ويتمناه، فقد قال الله في كتابه: {وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها}، فكم لله تعالى من نعمة ظاهرة أو خفية عليك، فإذا أردت إنصاف نفسك فينبغي أن تتفكر جيدا في نعم الله تعالى عليك، وألا يجرك الشيطان إلى كفران نعم الله تعالى ونسيانها بسبب نظرك إلى نعمة حرمت منها.

وتأمل جيدا وتفكر في قول الله سبحانه وتعالى في سورة الفجر: {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن * وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن * كلا}، فالله سبحانه وتعالى في هذه الآيات يبين حال الإنسان، وأنه إذا وسع الله تعالى له الرزق وأعطاه المحبوبات ظن أن هذا إكرام من الله تعالى له، فيقول: (ربي أكرمن)، وأنه في المقابل حين يبتليه ويختبره فيضيق عليه في رزقه يقول: (ربي أهانن)، فالله تعالى يقول: {كلا} كما قال ابن جرير -رحمه الله تعالى- فيما يرويه عن قتادة: "كلا إني لا أكرم من أكرمته بكثرة الدنيا، ولا أهين من أهنته بقلتها، ولكن أكرم من أكرمته بطاعتي، وأهين من أهنته بمعصيتي".

فهذا هو الإكرام الحقيقي والسعادة الحقيقية، وفي المقابل الإهانة الحقيقية والتعاسة والشقاوة، فإذا وفق الإنسان إلى العمل بطاعة الله تعالى والأخذ بأسباب الخلود في جنة النعيم فهذا هو الإكرام والعطاء الحقيقي، وفي مقابله إذا لم يوفق الله تعالى الإنسان للعمل بالطاعة ووقع في معاصي الله فهذه هي الإهانة الحقيقية.

فنوصيك -أيها الحبيب- بالتفكر في نعم الله تعالى عليك الكثيرة؛ فإن ذلك يدعوك إلى شكر هذه النعم والاعتراف لله تعالى بها، ومن هذه النعم ما وفقك الله تعالى إليه من الصلاة وقراءة القرآن والدعاء، وهذه أعمال جليلة، ستحمد سعيك فيها وصبرك عليها يوم نقوم لرب العالمين، وترى ثوابها، وتظفر بأجورها، فحافظ عليها ولا تبطلها، وأخلص نيتك لله، وارض بقضاء الله تعالى وقدره، وخذ بالأسباب التي توصلك إلى ما تحب من الأقدار، فأكثر من الاستغفار ودعاء الله سبحانه وتعالى بالمال والولد، وخذ بالأسباب الحسية من حيث طلب الرزق، والأخذ بأسباب الإنجاب، وعرض نفسك وزوجتك على الأطباء إذا كان ثم خلل، فإذا عملت ما عليك من الأسباب فينبغي بعد ذلك أن ترضى بقضاء الله تعالى وقدره، وأن تعلم بأنه لا يقدر لك إلا الخير.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.

مواد ذات صلة

الاستشارات