إذا رأيت تحرشاً بفتاة...كيف أتصرف؟

0 6

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

لا يخفى عليكم أن ظاهرة التحرش أصبحت متفشية بشكل كبير في مجتمعاتنا، لدرجة أنه لا يكاد يمر يوم إلا وترى فيه حالة من حالات التحرش.

مثال ذلك: عندما ترى شخصا يحاول إيقاف فتاة في الشارع أو يعترض طريقها، هذا الفعل يستفزني لدرجة كبيرة، لدرجة أني أهم بإيقاف ذلك الشخص، لكني أتراجع عند تفكيري بأن هذا الأمر قد يسبب لي المتاعب، أو شيئا من هذا القبيل.

ماذا أفعل عندما أشاهد حالة تحرش أمامي؟ وماذا يقول ديننا الحنيف في هذا الأمر، بغض النظر عن عواقب التدخل في صراع مع المتحرش؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل الناصح-، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بك بلاده والعباد، وأن يهدي شبابنا والفتيات لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

لا شك أن الذي يرى المنكر عليه أن يكون له دور إيجابي، استجابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده)، والتغيير باليد غالبا لمن عنده سلطة، ومن يستطيع أن يغير باليد كالأب، كالمدير، كالشرطة، كالجهات الرسمية، أو كل من يستطيع أن يغير دون أن يتضرر، (فإن لم يستطع فبلسانه) بالنصح والتذكير بالله تبارك وتعالى، (فإن لم يستطع فبقلبه) بأن يكره المعصية وينفر من بيئتها ويشهد الله على كرهه لها، ويتفادى الأماكن التي تقع فيها ولا يشهد الزور، كما قال الله تعالى: (والذين لا يشهدون الزور)، لذلك التغيير بالقلب أيضا هو عمل إيجابي.

كل حالة سيكون لها وضعها الخاص، نتمنى أولا أن نبدأ بما يلي:
- الدعاء لأنفسنا وللآخرين والأخريات من أجل أن يحفظهم الله تبارك وتعالى.
- الأمر الثاني: النصح لبناتنا ولشبابنا بضرورة الاحتكام بآداب وأحكام هذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
- ثالثا: تذكير البنات بضرورة اللبس الشرعي المحتشم، فإن المرأة إذا تحجبت كما قال الله: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)، تعرف بأنها عفيفة، والمرأة من ثيابها إما أن تجعل الإنسان يظن بها الخير ويفسح لها الطريق، وإما أن تكون مصدرا لإزعاج نفسها لشدة تبرجها.

- رابعا: نقول للشباب: ينبغي أن تدركوا أن صيانتنا لأعراضنا تبدأ من صيانتنا لأعراض الآخرين.
إن الزنا دين إذا أقرضته...كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
من يزن في قوم بألفي درهم ** في أهله يـزنى بربـع الدرهم
من يزن يزن به ولو بجـداره ** إن كنت يا هذا لبيبا فـافهـم
يا هاتكا حـرم الرجال وتابعـا ** طرق الفسـاد عشت غير مكرم
لو كنت حرا من سلالة ماجـد** ما كنت هتــاكا لحرمة مسلم
أبيات تنسب للإمام الشافعي، رحمه الله.

لذلك ينبغي أن تكون النصيحة شاملة للطرفين، وإذا كان هناك مجال لإبلاغ الجهات الرسمية، أو كانت هناك جهات تستطيع أن تغير هذا المنكر، إذا كان فوق طاقة الإنسان؛ فعليه أن يبلغ الجهات التي يمكن أن تغير مثل هذه المنكرات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا على فعل الخير.

إذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب من واجبات الشريعة، ولكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينبغي ألا يترتب عليه ضرر أكبر، وأن تكون هناك موازنة في حال اختلط المنكر بمعروف، وألا تكون هناك مسائل خلافية لا تدخل في الأمر والنهي، وأن تكون هناك معرفة بحال من نأمره أو ننهاه عن المنكر، وأن يكون المنكر ظاهرا، وأن يكون المنكر واقعا في الحال لا في الماضي، يعني هناك شروط ينبغي أن نراعيها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الإنسان يبدأ بنفسه، يبدأ بالنصح لإخوانه وأخواته من المحارم، ثم يدعو الدعاة وأئمة المساجد أن يذكروا الناس بمثل هذه الأمور التي فيها مخالفات، لأن الأثر خطير على الجميع، فإن المنكر إذا وجد ولم يوجد من ينصح ويغير أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده، قال الله تعالى: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)، إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده، ثم يدعونه فلا يستجاب لهم.

لذلك أرجو أن تستمر بهذه الروح، لكن تعرف الطريقة المناسبة، والطريقة الشرعية، والطريقة التي لا تجلب لك إشكالات لتتخذها وسيلة للتغيير، وقد يكون دورك فقط أن تبلغ الجهات الرسمية، أو تذكر الشباب والفتيات بالله تبارك وتعالى، كأن يقول الإنسان: (اتقوا الله، هذا لا يجوز) أو نحو ذلك، ونحن نكرر مرة أخرى: بشرط ألا يترتب على تغيير المنكر ضرر يلحق بك أو بغيرك.

نسأل الله أن يعيننا جميعا على الخير، وأن يحفظ بناتنا وشبابنا، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات