السؤال
السلام عليكم.
أعتذر أنني لم أوفق في إيصال الفكرة في سؤالي السابق، لذلك أريد التوضيح: وهو أن الخطبة قد تمت بعد أن اتفقنا بأن للبيت أولوية على عملها، وأن تلتزم في عملها بالضوابط الشرعية، وقد تمت الخطبة منذ خمسة أشهر، ولكن هناك بعض الأمور التي تقلقني:
١- لاحظت شعورها أحيانا بالخوف الشديد علي، وحبها لي، وأحيانا أخرى أشعر بزهدها بي، وكأنها مجبورة علي، وعندما واجهتها قالت: بأنها تلتزم بضوابط الخطبة، ثم وضحت لها أن إظهار الحب والرغبة للطرف الآخر ليس حراما في ذاته، إلا إذا ترتب عليه أمر محرم، فتقتنع ثم تعود، حتى أنني أصبحت أشعر بأن الضوابط عندها مجرد مبرر لجفائها.
٢- عندما ألاحظ فيها بعض ما يسوؤني أعاتبها وأنصحها بأن تتغير، وأكون صريحا معها، ومثال ذلك: حبها الشديد للعمل، وإن كان على حساب بيتها وزوجها، وأن الدنيا أصبحت تتسلل إلى قلبها، فأحذرها من ذلك، كما أن لديها بعض الأفكار النسوية، فأقوم بتصحيحها لها، وأبين لها حقوق الزوج، ومكانة الزوج، فكانت تستجيب في البداية، ثم أصبحت تراني دائم الانتقاد لها، وأنني أشعرها بالذنب والتقصير دائما، وأنني يجب أن أتقبلها بعيوبها، وأنها لا تشعر بالذنب، فشعرت بأنها أنانية.
٣- في بعض الأحيان عندما نتحدث على الشات أجدها تتركني فجأة، ومرة تقول: بأنها نامت فجأة، ومرة تقول: بأنها ذهبت لتقرأ القرآن، ثم تعود بعد ساعتين لترد علي، فأقول لها لماذا لم تستأذني مني؟ فترد علي بمبررات واهية، مثل: حسبتك انتهيت من الحديث، أو أنها لا تستطيع التحكم بنومها.
كل ذلك يجعلني قلقا من هذه الخطبة، فما رأيكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك مجددا -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير، ونشكر لك دوام تواصلك معنا، وحرصك على أن تعرف رأي الناصحين قبل أن تقدم على اتخاذ أي إجراء في حياتك، وهذا دليل على رجاحة في عقلك، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل ما فيه الخير والسعادة.
وما ذكرته –أيها الحبيب– من أوصاف خطيبتك هي في الحقيقة أوصاف حسنة تدعو إلى التفاؤل، وليس إلى عكس ذلك، فهي إذا كانت تجتنب الكلام معك بالمشاعر، وبالكلام اللين، وما يعبر عن الحب، ونحو ذلك، والمرحلة لا تزال مرحلة خطوبة فقط؛ فإنها في تصرفها هذا ينبغي أن تشكر، ويكون هذا جانبا إيجابيا في شخصيتها، وإضافة في رصيدها، ترغبك فيها وليس العكس؛ فكلما كانت المرأة أكثر التزاما بحدود الله تعالى، ووقوفا عند محارمه؛ فهذا يدل على صلاحيتها لأن تكون أما للأولاد، وربة للبيت، وسكنا للنفس.
ونصيحتنا لك –أيها الحبيب–: أن تكون أنت أيضا من يبادر إلى مثل هذا الإجراء، وأن تعرف هي منك حرصك على أن تقف عند حدود الله تعالى؛ لأن ذلك يعود عليك وعلى أسرتك بعد ذلك بالنفع والخير.
ونصيحتنا الثانية –أيها الحبيب–: أن تعجل بالزواج ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وألا تسوف فيه، ولا تطل فترة الخطبة؛ فالزواج كله خير وبركة، وبه أو بإجراء العقد على الأقل ستجتنب أنت وخطيبتك الوقوع في بعض المحرمات: كالخلوة، أو الكلام الذي فيه خضوع ولين، كإبداء الحب، ونحو ذلك.
ونصيحتنا الثالثة: أن تقبل من خطيبتك هذه الأعذار التي تعتذر بها؛ فربما كانت تريد فعلا الوقوف عند الحدود الشرعية، وفي الوقت نفسه لا تريد الإساءة إليك، فتحاول أن تعتذر بأنواع من الأعذار.
وعلى كل حال: فينبغي أن تكون مدركا –أيها الحبيب– أن المرأة وإن كانت تحبك، وتزوجتها، فلا بد أن تجد فيها بعض الجوانب التي لا ترغب أنت فيها تمام الرغبة، ولا تستحسنها كل الاستحسان؛ فهذه طبيعة ابن آدم، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، ومعنى (لا يفرك) لا يبغض، فيرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن التفكر في الإيجابيات، وإمعان النظر في محاسن الشخص يدعو إلى حبه، والتجاوز عما فيه من الجوانب السيئة، وكما قال الشاعر:
من ذا الذي ترضى سجاياه كلها ... كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
فنصيحتنا لك ألا تنصرف عن هذه الخطبة، وألا تفسخها لمجرد هذه الأعذار التي ذكرتها، وأن تعجل بالزواج ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
وفقك الله كل خير، وقدر لك الخير حيث كان.