السؤال
السلام عليكم.
أخاف أن أمرض بمرض نفسي، حيث أني أسمع صوت تهديد في داخلي إذا فعلت معصية، كأن أصاب بانفصام الشخصية، أذكر الله كثيرا، وأصلي، وأحاول أن أبعد هذه الفكرة عن رأسي، وبلا فائدة، حيث تأتيني كثيرا وتزعجني، وتأتيني نوبات خوف من هذه الفكرة.
أحاول أن أكون قويا، فلن يحدث شيء ما دام الله معي، لكني أطمئن قليلا، ثم تأتي الفكرة مرة أخرى وتؤرقني.
ذكرت في استشارة سابقة أني أصبت بنوبة هلع في فترة الكورونا منذ سنتين، وقد تجاوزتها، ولكن بين الحين والآخر تأتيني أفكار سلبية تجعلني أشعر بالحزن والاكتئاب، والخوف من الإصابة بالأمراض النفسية، وأتجاوز هذه الأفكار.
حاليا فكرة المرض النفسي هي التي لا أستطيع تجاوزها، حيث أشعر من كثرة التفكير بألم في الرأس، ودوخة، وقلة تركيز، وأشعر أني لم أعد أستطيع التحمل، وأن شيئا سيئا سيحدث لي من كثرة التفكير والقلق، وقد ذكرت لي في الاستشارة السابقة دواء، ولكن لا أستطيع أخذ أدوية، حيث زرت طبيبا نفسيا عند إصابتي بنوبة الهلع من قبل، وكتب لي دواء سبب لي الهلوسة؛ لذلك توقفت عن أخذ أية أدوية، وقاومت مرضي بنفسي، أريد فقط أن أطمئن، هل هذه مجرد وساوس؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في موقع إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.
نعم هذه الأفكار التي تأتيك، وما أسميته بالصوت الداخلي هي وساوس ولا شك في ذلك، وفكرة الخوف من الموت هي فكرة متأصلة لدى الكثير من الناس، والخوف من الموت يجب أن يكون خوفا شرعيا ولا يكون خوفا مرضيا، بمعنى أن يكون الإنسان فعالا في حياته، مطيعا لربه، مؤمنا بحتمية الموت، وفي ذات الوقت يسعى لعمارة الأرض ويكون نافعا لنفسه وللآخرين. هذه هي المفاهيم الصحيحة حول الموت.
بالنسبة للأفكار الوسواسية: يجب أن تكتبي هذه الأفكار في ورقة، وهذا نسميه بـ (التحليل السلوكي للأفكار الوسواسية)، اكتبيها في ورقة، ابدئي بأضعف هذه الأفكار، ثم الفكرة التي تليها في الشدة، وانتهي بأقوى الأفكار أو أشدها، ثم طبقي ثلاثة تمارين سلوكية على كل فكرة، وطبعا هذا النوع من العلاج السلوكي يتطلب أن تجلسي في مكان هادئ، في الغرفة، والجلسة العلاجية يجب أن تستغرق على الأقل نصف ساعة.
التمرين الأول الذي يطبق على كل فكرة، بداية من الفكرة الضعيفة هو ما نسميه بـ (إيقاف الفكرة)، تتصورين الفكرة الوسواسية أمامك، وتخاطبينها مباشرة (قفي، قفي، قفي، أنت فكرة وسواسية حقيرة، أنا لن أهتم بك)، هذا القول يكرر على الأقل لمدة دقيقتين.
ثم بعد ذلك يأتي التمرين الثاني وهو (صرف الانتباه)، وجد علماء السلوك أن الإنسان إذا أتى بفكرة طيبة ومهمة وأكثر نفعا له؛ هذا يؤدي إلى إزاحة الفكرة الوسواسية، ففكري في شيء طيب، فكري في شيء جميل في حياتك لمدة دقيقتين، وهذا -إن شاء الله تعالى- يؤدي إلى صرف الانتباه من الفكرة الوسواسية.
أما التمرين الثالث وهو ما نسميه (العلاج عن طريق التنفير): ومن خلال هذا التمرين نربط الفكرة الوسواسية بشيء منفر، مثلا تستجلبين الفكرة الوسواسية، وفي ذات الوقت تشمين رائحة كريهة، أو تقومين مثلا بالضرب على يدك بقوة وشدة على جسم صلب كسطح الطاولة، ولا بد أن يقع الألم، وقوع الألم هذا يربط بالفكرة الوسواسية، هذا تمرين يكرر عشرين مرة متتالية، ولا شك أن الربط بين الوسواس وإيقاع الألم سوف يضعف الفكرة الوسواسية.
فإذا هذه ثلاثة تمارين جيدة ومفيدة جدا، وإن طبقتيها بجدية لمدة عشرة أيام إلى أسبوعين، سوف تجدين أن الوساوس قد تفككت وزالت -إن شاء الله تعالى-.
عليك أيضا بصفة عامة: تنظيم حياتك، وتجنب السهر، وتجنب النوم بالنهار، واستثمار وقتك بصورة صحيحة، وعليك أن تمارسي الرياضة بانتظام، عليك أن تكوني فعالة داخل أسرتك، واحرصي على الصلاة في وقتها وجميع العبادات، ولا بد أن تكون لك أهداف في الحياة، ضعي هذه الأهداف وضعي الآليات التي توصلك إليها.
هذه هي الكيفية التي يعالج بها هذا النوع من الوساوس والخوف، وما دام ليس لديك رغبة في دواء فهذا أمر نقدره تماما، وإن كانت الأدوية ليست كلها سيئة، هنالك أدوية فعالة وسليمة جدا، وليس لها آثار جانبية، مثلا عقار (فلوكسيتين Fluoxetine) والذي يسمى (بروزاك Prozac) أو (فلوزاك Fluozac) في مصر، يعتبر دواء متميزا لعلاج الوسواس، بجرعة كبسولة واحدة يوميا لمدة أربعة أشهر مثلا، سيفيدك أيضا لا شك في ذلك، لكن الأمر متروك لك، وأسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.