السؤال
السلام عليكم.
تبرعت بالكلى في أغسطس عام 2017، وبعد العملية مباشرة شعرت بألم شديد مع انتفاخ في الخصية اليسرى (التبرع كان بالكلية اليسرى)، وأخبرت الطبيب، ومنذ ذلك الوقت أجريت عدة فحوصات وأشعة على الخصية ولم يظهر فيها أي سبب، أو تشخيص لهذا الألم ما عدا تجمع بسيط للسوائل، لكن الدكتور طلب الانتظار قبل إجراء عملية القيلة المائية؛ لأن السوائل بسيطة، ولا تدعو للقلق، لكن الألم مستمر ومزعج جدا، حتى قرر الدكتور إجراء العملية في شهر أكتوبر 2022، وجرت بنجاح حسب كلام الدكتور، لكني لا زلت أعاني من ألم الخصية.
أي ضربة بسيطة في الخصية اليسرى أشعر بألم شديد جدا، ولا يحتمل، على عكس الخصية اليمنى، حيث الألم فيها طبيعي ويحتمل.
هل أجد لديكم تشخيصا عن سبب هذا الألم بعد التبرع بالكلية؟ وهل هناك حالات أخرى تشبه حالتي واستمر الألم معها بعد التبرع؟
وهل يؤثر هذا الألم أو تجمع السوائل على الخصوبة؟ حيث أني أرغب بالإنجاب، لكن لم يحصل من بعد عملية التبرع؟ (عندي ولد وبنت قبل التبرع بالكلية).
الحيوانات المنوية كانت 24 مليون، وارتفعت إلى 290 مليون بعد استعمال Q10 بعد نصيحة الدكتور، مع أنه أخبرني بعدم وجود مانع للإنجاب عندي.
تحاليل وأشعة زوجتي كلها سليمة أيضا، ولا يوجد عندها ما يمنع الحمل بعد مراجعة أكثر من طبيب للنساء والولادة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد أصبح لدينا الآن أدلة دامغة على حدوث آلام الخصية بعد عمليات إزالة الكلى، وبالذات تلك التي تحدث عن طريق المنظار الجراحي، كما أن أكثر هذه الحالات تحدث عند المتبرعين بالكلى الموجودة في الجزء الأيسر من الجسم، وقد أثبتت الكثير من الدراسات الأخيرة أن نسبة من يعانون من آلام الخصية الناتج عن عمليات إزالة الكلى بغرض التبرع، أو لظروف أخرى أقل انتشارا قد تصل إلى 40-50% من المتبرعين.
وقد أثبتت ذات الدراسات أن الكثير من هؤلاء المرضى يعانون أيضا من انتفاخات الخصية، أو كيس الصفن؛ أي بما يعرف بالقيلة المائية، والتي هي عبارة عن تجمع السوائل حول الخصية داخل كيس الصفن، وتشير هذه الدراسات أن آلام الخصية لم تكن تعزى لعمليات التبرع بالكلى مما أدى إلى عدم نشرها والإفصاح عنها في السابق.
هذا ولا نعلم حتى الآن المسبب الرئيسي لهذه الآلام، فهناك حتى الآن مجرد تكهنات تتحدث على أن المسبب قد يكون الاحتقان الوريدي؛ وذلك لأن أوعية الخصية الدموية تدخل الوريد البابي السفلي بالقرب من الكلى، وغالبا ما تصاحب هذه الأوعية الحالب في طريقه إلى الحوض، ومن ثم تذهب هذه الأوعية إلى الخصية لتوزيع الدم منها باتجاه القلب.
وقد لاحظ الجراحون من قديم أن قطع هذه الأوعية الدموية عند إزالة الكلى لا يؤدي إلى تلف أو موت الخصية؛ وذلك لأنها تستطيع أن تستقطب ما تحتاج إليه من دم من الأوعية الدموية المجاورة، ولكن هذه العملية تكون بطيئة والأوعية الدموية قد تحتاج إلى بعض الوقت لتكبر في الحجم، وبدرجة مناسبة مما يتيح لها المقدرة على توزيع الدم بعيدا عن الخصية في الوقت المناسب، فإذن هذا الاحتقان أو تجمع الدم في منطقة الخصية قد يكون له دور في شكوى المريض من الألم، أو التورم في الخصية من الجهة التي قد أجريت بها عملية إزالة الكلية بغرض التبرع، ولكن في المقابل يعتقد الكثير من الجراحين أن المسبب الحقيقي للألم في الخصية هنا هو انقطاع النهايات العصبية المغذية للخصية، ويحدث هذا عند قطع أوعية الخصية والحالب في منتصفه، وذلك بغرض تسهيل عملية رفع الكلى.
وقد تتقطع بعض النهايات العصبية المغذية للخصية في حالة الحاجة إلى تحريك الأمعاء الغليظة في الجهة اليسرى بغرض تسهيل عملية رفع أو إزالة الكلية؛ مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى شكوى المريض من آلام الخصية وانتفاخها بعد عملية التبرع بالكلى.
ويأتي هنا السؤال المهم وهو كيفية العلاج من هذه الحالة؟ وللإجابة على سؤالك، أقول لك: بأن الأغلبية من هؤلاء المرضى تتحسن حالتهم بالتدريج على فترات قد تكون قصيرة أو متوسطة أو حتى طويلة، ولكن هناك للأسف عدد من المرضى الذين لا تتحسن حالتهم، ويستمر عندهم الألم بصورة مزمنة.
ويبدو لي أنك وبعد خمس سنوات من الجراحة ما زلت تعاني من الآلام، فإن احتمال اختفائها تلقائيا أصبح ضعيفا بعض الشيء، حسنا لا داع للإحباط، فهذا ليس شأن المسلم المفوض أمره إلى الله، بل يتوجب عليك يا بني التوجه إلى مقابلة طبيب متخصص في آلام الخصية المزمنة، والذي لديه الكثير ليعرضه عليك، فمبدئيا عليه التأكد من عدم وجود دوالي الخصية، والتي قد تنشأ نتيجة للعملية السابقة، وعندها يمكنه إجراء عملية جراحية بسيطة بالمجهر لربط هذه الدوالي، والتي من شأنها معالجة آلام الخصية في معظم من يجرون هذه العمليات.
ولكن يتوجب علي للأمانة العلمية أن أذكر لك أن هناك نسبة لا بأس منها من هؤلاء المرضى قد لا تتحسن لديهم هذه الآلام لأسباب لا نعرفها حتى الآن.
إذن هل هناك من خيارات أخرى للعلاج؟ الجواب: نعم، لكن هنا تتعقد هذه الخيارات، فأنا مثلا أتجه الى إجراء حقن للحبل المنوي بمسكن موضعي طويل الأمد وخال من الادرينالين، واعتمادا على النتيجة أي إذا اختفى الألم لفترة طويلة نسبيا، فقد أكتفي بهذا، أو قد أمضي إلى إجراء عملية تنظيف الحبل المنوي من الأعصاب والأوردة الدقيقة تاركا مجرد الشريان والوريد الرئيسيين.
وهذه العملية تؤدي إلى اختفاء الألم عند الغالبية العظمى من المرضى، وهناك بالطبع دور ما لأطباء في التعامل مع الألم، فلديهم الكثير ليوفروه للتحكم في ألم الخصية المزمن، ومن أمثلة ما قد يقدموه هو: حقن بعض مواضع الأعصاب المؤثرة على الخصية عن طريق الموجات الصوتية، وغيرها من معالجات الآلام المزمنة.
وأما بالنسبة للخصوبة والإنجاب: فإن عمليات التبرع بالكلى ليس لها تأثير على الخصوبة والإنجاب، وهنا يمكنني أن أذكرك بأن الكثير من الآباء قد ولدوا بكلية واحدة، أو أن بعضهم قد يفقد إحدى كليتيه نتيجة المرض، أو الإصابات، أو بالطبع حتى بالتبرع للآخرين، وهنا أحب أن أتوجه إليك بالشكر على ما قمت به من خطوة نبيلة في التبرع بكليتك لمريض أعتبره عاد إلى الحياة الطبيعية بعد معاناة الفشل الكلوي والغسيل والتعب، فلكأنك أحييته من جديد، ورب العزة عز وجل يقول: (من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا).
ونعود لمسألة الإنجاب: فإن هناك متغيرات كثيرة منها: الدوالي في الخصية إن كانت موجودة، وجودة النطفة المنوية من ناحية الحجم، والمكونات وحركة وعدد الحيوانات المنوية.
كما أن الزوجة يجب أيضا أن تعرض نفسها على الطبيب المتخصص؛ للتأكد من خلوها من مسببات تأخر الإنجاب لدى السيدات، ويجب أن أنوه إلى أن من يريد الإنجاب يتوجب عليه التقليل من الجماع، وليس العكس، وتوخي الزمان الحرج للتبويض، والذي لديه حسبة خاصة يمكن أن تتعلمها الزوجة من طبيبة النساء والولادة، وهي باختصار: تدور حول منتصف الفترة ما بين بداية كل دورتين دمويتين، ولا يمكنني التعليق على مجرد عدد الحيوانات المنوية، بل هناك الكثير من المعطيات الناقصة مثل: الحجم، والعدد، والحركة، والهيئة، ودرجة القلوية، ومدى اللزوجة، ونحوه.
فلعلنا نتحدث حول هذا الأمر في مناسبة أخرى، وذلك بعد إجراء الخطوات المذكورة سابقا، وإجراء الفحوصات الطبية المناسبة.
وشفاك الله وعافاك يا بني.