السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أنا طالب جامعي في السنة الأخيرة، أي master 2، مشكلتي هي أن الحياة أصبحت مملة بنظري، أصبحت أجد صعوبة في الاستمتاع بالحياة، أصبحت أنتظر الموت كل دقيقة، وبعد أيام سأدخل سنتي الأخيرة في الجامعة، بعد تفكير وتشجيع من الوالدين؛ لأني لم أرد الدراسة، وهنا بدأت معاناتي بين صعوبة التنقل لكوني أمضي بصعوبة حتى أكون دقيقا، وأفقد توازني.
كما أعاني من ضغوطات الدراسة، وصعوبة التركيز، والتعب والإرهاق في التنقل في أرجاء الجامعة، بسبب مرضي، كما تراكمت علي الدروس، ولم أكن قد بذلت شيئا، ومما زاد ذلك صعوبة هو أني لم أستطع الكتابة، حتى أكون دقيقا، لا أستطيع التحكم بيدي، فلم أجد حتى الآن طريقة للدراسة!
علما بأني سابقا كنت أستمتع بالحياة، وأستمتع بالدراسة، ولم أكن ذلك المتفوق، لكن كنت أستمتع بها.
تصوروا هكذا وصل بي الحال، بعد أن كنت لا أدع حرفا من كتاب الامتحان إلا وأقرؤه، وبعد أن كنت أحلم بالدرجات العالية، والمعدل العالي، والمهنة الراقية، الآن لا أجد الحافز للدراسة، أو للعلم، بل صرت لا أحب إلا النوم، يغلب علي الملل والكسل، وأشعر بالغضب لأتفه الأسباب، والتوتر والضيق وعدم القدرة على الاحتمال.
أنا حزين؛ لأن حالي صار هكذا، ولم أتخيل قط أني سأصبح هكذا، أرجوكم ساعدوني للتغلب عليها قبل نهاية السنة الدراسية، فأنا خائف أن أخيب أمل أهلي، وكما أني أرغب في التخرج بشدة في هذا -إن شاء الله تعالى-.
جزاكم الله تعالى كل الخير، وأسأله تعالى أن يبارك في مسعاكم، ويوفقكم لفعل الخير دائما.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم لتواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.
يؤسفنا ما آل إليه وضعك -بني الكريم- بعد أن كنت متفوقا، وتحب قراءة كل حرف من حروف المنهج الدراسي، ولا ندري بالضبط هل هذا المرض الذي ذكرته تم تشخيصه أم لا؟ وهل هو مرض بدني صحي أم أنه مرض نفسي؟ وهل تم التشخيص أم لا؟
إن كنت تعاني من مرض صحي وقد ذهبت إلى الطبيب، ووصف لك الدواء، ولكن بقيت عندك أعراض أو آثار نفسية تتعلق بمرضك الصحي، فهنا يمكنك السعي إلى علاج نفسك عند الأخصائي النفسي، أو الطبيب النفسي؛ لأنك صرت تفتقد الشغف بالحياة عموما، والدراسة خصوصا.
يمكنك الذهاب إلى الأخصائي النفسي، وعمل تقييم للاكتئاب والقلق، وبيان مدى درجة الاكتئاب لديك، فإن تبين أن لديك اكتئابا مرضيا، وليس مجرد قلق عارض أو حزن عارض، فلا بد من الخضوع لبرنامج علاجي، سواء كان هذا البرنامج يتعلق بالعلاج السلوكي أم رافقه علاج دوائي.
كذلك لا يبدو لي أنك تعاني من مشاكل في التخصص، لاسيما وأنك في سنتك الأخيرة، وأن ما طرأ عليك هو عرض يتعلق بمرضك الذي ذكرناه سابقا، وعليه فلا بد من الاهتمام بإنجاز سنتك الأخيرة حتى تستطيع الخروج من عنق الزجاجة.
إليك بعض النصائح التي يمكن أن تفيدك في هذا المجال:
أولا: السعي في العلاج النفسي والسلوكي كما أوضحنا سابقا.
ثانيا: إذا كان لديك صديق مقرب أو شخص يرشدك، فعليك بمشاورته في وضعك، لعله يشير عليك بما يمكن أن يصلح حالك.
ثالثا: رتب خارطة أهداف حياتك مرة أخرى، ولا شك أن أهم هدف في هذه الحياة هو السعي في رضا الله عز وجل، فإذا ربط الإنسان أعماله كلها بالله عز وجل سواء كانت أعماله الدراسية أو الحياتية فإنه بمجرد أن يصيبه عارض أو مرض فإنه يتذكر أن أمر هذا العمل بيد الله عز وجل، فيسعى في الجد والاجتهاد فيه لله عز وجل، فيكون هذا أعظم حافظ ومعين له على إتمام وإنجاز عمله، ولا شك أن هذا العنصر يتعلق بأهم جزئية تتعلق بالعمل، وهي جزئية الإخلاص لله عز وجل، كما قال الله عز وجل: ﴿وماۤ أمروۤا۟ إلا ليعۡبدوا۟ ٱلله مخۡلصين له ٱلدين حنفاۤء ويقيموا۟ ٱلصلوٰة ويؤۡتوا۟ ٱلزكوٰةۚ وذ ٰلك دين ٱلۡقيمة﴾ [البينة 5].
رابعا: رتب أولوياتك على حسب مربع (ايزنهاور) الذي ينقسم إلى أربعة أقسام، مهم وعاجل -ومهم غير عاجل -وغير مهم وعاجل -وغير مهم وغير عاجل، وطبق هذا على المواد الدراسية.
هناك بعض المواد تحتاج إلى جهد إضافي، فهذه تجعل لها أولوية، بينما تجعل في المرتبة الثانية المواد الأقل أهمية، وهكذا بالنسبة للأعمال الأخرى غير المواد الدراسية.
خامسا: رغم لجوئك إلى النوم، والذي يعد أحد صور وحيل الدفاع النفسي، فإنه يمكنك أن تلجأ إلى أمور أخرى مثل المشي، ومثل القراءة والمطالعة أو مشاهدة بعض المقاطع المفيدة والهادفة.
سادسا: لا غنى لنا جميعا عن اللجوء إلى الله عز وجل في مثل هذه الأحوال، والاستعانة بالدعاء عموما، والبعض الأدعية خصوصا، ومن هذه الأدعية هذا الدعاء المشهور بسيد الاستغفار وهو:
"اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي".
فعليك بمثل هذا الدعاء.
كذلك الأدعية التي فيها الاستعاذة من الهم والحزن، مثل دعاء:
"اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال".
لا تنس قراءة المعوذتين كل صباح ومساء، مع الأذكار الصباحية والمسائية، والمعوذتان هما (سورتا الفلق والناس).
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.