السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي متزوج ولديه أطفال، كان في حالة جيدة على كل المستويات، ولكن فجأة تحول لإنسان آخر، أصبح ملتزما جدا لدرجة صعبة، وأصبح ينعزل لفترة طويلة، يريد الانعزال عن الناس وعمله حتى ترك عمله بالفعل، لا يريد القيام بالواجبات اليومية لمنزله، كل شيء عنده حرام وحلال فقط، ويتعصب دائما ويقابلني بوجه عابس وغاضب.
مرة يتكلم معي حول أهمية تربية الأولاد تربية إسلامية صحيحة، ومرة يتكلم هل هذا الزيتية المعلقة تصبح تميمة وهي حرام؟ ومرة أخرى يكره الناس، ومرة يرى أن أمه وأخته السبب في مشاكله، لا أعلم ما هذا، ولكن أصبح إنسانا مختلفا تماما، من أقل مشوار يغضب سريعا، وأحيانا كثيرة يكون عنده هلاوس سمعية وبصرية، فهل هذا وسواس قهري أم هوس ديني؟ أرجو الإجابة مع توضيح اسم ونوع المرض النفسي وكيفية التعامل معه.
شكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لهذا الأخ العفو والعافية ولنا جميعا.
أيها الفاضل الكريم: لا يوجد تشخيص علمي يسمى بهوس ديني، بكل أسف هذا مصطلح أدخله بعض الذين -لا أقول- يعادون الدين، ولكن لديهم وجهة نظر أو نوع من الكراهية للمتدينين.
هذا الأخ –حفظه الله– قطعا أصبح متشددا، وهذا التشدد في أغلب الظن يكون قائما على مفاهيم دينية خاطئة، هذا في المقام الأول، وربما تكون نفسه اضطربت وأصيب بشيء من الشعور بالذنب لأشياء اقترفها حتى وإن كانت ذنوبا بسيطة، وأراد أن يكفر عنها من خلال هذه العملية التعويضية –كما نسميها– أي التشدد الديني.
وغالبا –ومع احترامي الشديد له– أنه لم يمتلك ناصية العلم الديني حتى الآن، طبعا وجود الهلاوس السمعية والبصرية إذا تم تأكيدها هذا يكون مرضا ولا شك في ذلك، إذا كان مثلا يسمع أصواتا أو يخاطب هذه الأصوات ويجري معها حوارات، أو إذا كان يرى أشياء أمامه، هنا في هذه الحالة تكون الحالة حالة مرضية ذهانية، أي عقلية، والذهان من هذا النوع موجود، وأنا أرجح أنه دخل في حالة ذهانية، وربما يكون لديه اكتئاب، الشعور بالذنب أدخله في هذا التشدد الديني، وحدث له اكتئاب، وأتت هذه الهلاوس السمعية والبصرية، وهي تمثل الجانب الذهاني، فهذه ليست وساوس قهرية –أيها الفاضل الكريم-، وليست هوسا دينيا، إنما هو نوع من التنطع والتشدد الديني القائم على مفاهيم خاطئة وأسباب مرضية نفسية.
هذا الأخ طبعا يجب أن يعالج، بالتأكيد لن يقبل فكرة أن يذهب إلى طبيب نفسي، لكن أعتقد قد يقبل فكرة أن يكون أكثر قربا لأحد الأخوة المشايخ الذي يمكن أن يجري معه بعض المراجعات حول منهجه الديني وطريقة تفكيره وتطبيقاته، وبعد ذلك أعتقد سوف يقنعه الشيخ بأن هذه الحالة حالة مرضية، ويمكن للشيخ أن يرشده بأهمية الذهاب إلى الطبيب النفسي، وهنا تتخيرون طبيبا نفسيا ثقة، يكون ذا خلفية إسلامية جيدة، -والحمد لله- الأطباء الذين هم على هذه الشاكلة كثر.
أرجو ألا تتركوه؛ لأنه قطعا يعيش في حالة من الألم والضغط النفسي الشديد، أرجو أن تفيديني لاحقا بالتطورات التي حدثت في حالة هذا الأخ، وأتمنى بالفعل أن يتم التواصل مع أحد المشايخ، وكذلك الطبيب النفسي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.