السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
الحقيقة أنا معجب بمجهودكم الذي تبذلونه، واستفدت كثيرا من موقعكم.
في فترة كنت ملتزما بالفروض وقراءة القرآن واتباع السنة، وكان أكثر شيء أريده هو رضا ومحبة الله، والرجوع إليه، الآن أشعر بالضياع، وصرت أقصر في العبادات، والطاعات، ومقصر كثيرا، وحتى إني فضلت الدنيا وأمورها على الدار الآخرة، وحاولت أن أرجع إلى الله ولكن ما عرفت، كيف ذلك؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك أخي الفاضل، ونحن سعداء بتواصلك معنا على موقع استشارات إسلام ويب، وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فأقول: لا تحزن، فإن ما يصيبك يصيب الناس كلهم، وقد أخبرنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- أن الإيمان يبلى في قلب المؤمن ويحتاج إلى تجديد: (إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم) وجاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من القلوب قلب إلا له سحابة كسحابة القمر، بينما القمر مضيء إذ علته سحابة فأظلم إذ تجلت عنه فأضاء) صححه الألباني، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة، فمن كان فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك).
أخي الفاضل: من فقه الإنسان، ومن توفيق الله له ورحمته به؛ أن يوفقه لمراقبة قلبه ودينه وينظر من أين يأتيه الفتور وضعف الإيمان، وإن من أكثر أسباب الفتور: الابتعاد عن أجواء الإيمان، وكثرة الانشغال بالدنيا، وطول الأمل، وغياب القدوة، والإفراط في المباحات. وقد جاء في الأثر: "أربعة من الشقاء: جمود العين، وقسوة القلب، وطول الأمل، والحرص على الدنيا".
أخي الفاضل، خير ما يستفاد منه في تنشيط النفس للعبادة: الابتعاد عن مسببات الفتور والمشغلات عن العبادة، وتلاوة القرآن وتدبر معانيه –ولو عددا قليلا من الصفحات ولكن بتدبر- فقد قال الله تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}، والإكثار من ذكر الله على كل الأحوال، وقراءة سير الصالحين وأولهم الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، ثم سير الصحابة والتابعين وأنصحك بكتاب (الرحيق المختوم) للمباركفوري، وكتاب (صور من حياة الصحابة) لـ بعد الرحمن باشا، وأكثر من دعاء الله والتضرع بين يديه.
أخي الفاضل، ومما يعينك على ذلك أيضا استحضار ما للطاعة والعبادة من فضل وشرف، وأن الحياة الطيبة لا تنال إلا بالاجتهاد في طاعة الله تعالى، ومجاهدة النفس ومصابرتها على فعل الطاعة.
أخي الفاضل، ومما يعينك على ذلك أيضا مصاحبة الصالحين، فإن صحبتهم تستنهض الهمة، وتستحث العزيمة، فالمرء على دين خليله.
اللهم إنا نسألك أن تجدد الإيمان في قلوبنا، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين. والحمد لله رب العالمين.