السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة وعندي طفل بعمر سنة ونصف، لدي مشاكل زوجية سببها تراكمات، سبق وأن وجدت زوجي يخونني ويشرب الخمر، قدم اعتذاره وأنا قبلت، لكنني لا أستطيع تجاوز الأزمة، رغم محاولاته، ويبدو علي دائما تخوفي من الموضوع ومن تكراره.
أصبحت أسأله كثيرا عن: أين يصرف ماله؟ وأين يذهب؟ وقعت عدة خلافات لم أتنازل فيها عن حقي كما كنت أفعل قبل أن أكتشف خيانته، ولا أنسى أنه حلف أن الخيانة لم تكن جسدية.
مؤخرا أصبحت أطلب اهتمامه المادي بي، فقد لاحظت عدم اكتراثه لاحتياجاتي، رغم أني أشتغل لكني أحس أني في حاجة إلى اهتمامه.
مشكلتنا الأخيرة كانت أنه قال لي: لا تقفلي الباب بقوة، فهذه ليست سيارتك. غضبت وذهبت إلى بيت أبي، انتظرت اتصاله، لكنه لم يفعل، وبعد يومين قررت الاتصال لكي لا أطيل الخصام، فإذا بي أتفاجأ أنه لا يرغب بمحادثتي إلا بوجود أمه وأمي، رغم أنه لا دخل لهم في الموضوع.
رفضت الأمر، وبعد استفزازه لي ضربت يدي على النافذة، وكسرت الزجاج نتيجة انهيار عصبي، أحضر أمه وأمي، وأتى لأخذي، ولم يكترث لألمي، وأخذنا إلى المنزل، وطلب هو وأمه حضور أبي وأبيه، وهذا لم يعجبني.
بعدها وقع خلاف كبير، وقلت لأمه: إنه لا دخل لها في حياتي، وبأنها منافقة، ولا ترغب لي بالخير، ولزواجنا، ولو كان لطلبت من ابنها العودة، بعد هذا الخلاف تركني وأهلي، وأخذ أبويه وذهب ولم يقم بالسؤال عني إلى الآن، وأنا في بيت أهلي ويريد الطلاق.
أعتذر عن إطالتي في الموضوع، وأرجو منكم مساعدتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على استقامة الزوج، والرغبة في العودة إلى البيت، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك وزوجك على قهر الشيطان، والعودة إلى شريعة الرحيم الرحمن، التي فيها دعوة إلى حسن المعاشرة، وهي واجب على الطرفين.
لا يخفى عليك أن مثل هذه المسائل التي يتدخل فيها الأهل، ويحضر فيها الشيطان، من أصعب المشاكل وأعقدها، لكن أعتقد أن الزمن جزء من الحل؛ فلذلك أرجو أن تطيلي بالك، وتظهري لزوجك ما كان بينكما من مواقف جميلة، ونتمنى أن يكون للعقلاء والفضلاء دور في لم شمل هذه الأسرة.
بلا شك نحن نؤكد أن الزوج له أخطاء، لكن نحب أن نقول لك: الخطأ لا يقابل بخطأ، أو الخطأ لا يعالج بخطأ؛ لأن ذلك لن يزيد النار إلا اشتعالا، وهذا ما يريده عدونا الشيطان، ولو لاحظتم وتأملتم -وهذا أمر مطالب به الزوج والزوجة أن يقفا عند أسباب هذه المشكلات التي حصلت- فستجدون أن أسباب المشكلات تافهة، وسنجد بعض الأمور الصغيرة هي التي ضخمها الشيطان، وخيل للإنسان أن كرامته قد أهينت، ونحو ذلك من العبارات، والشيطان لا يريد لنا الاستقرار، ولا يريد لنا الزواج، بل كما ورد في الحديث (بأن عدونا الشيطان يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته -يعني طلق امرأته- فيدنيه منه ويلتزمه ويقول: نعم أنت أنت).
لذلك أرجو أن يكون الهدوء هو سيد الموقف، ثم حاولي أن تذكري المواقف الجميلة وتتذكريها، وحاولي أيضا أن تعيدي الحوار بينك وبين الزوج بعيدا عن أهلك وعن أهله؛ لأن هذه التدخلات يحدث فيها مثل هذا الشرخ، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يعينكما على الخير، وتمسكي بأسرتك، وحاولي دائما ألا تردي الشر بمثله؛ لأن الله يقول: (ادفع بالتي هي أحسن)، ليس لأنه أخطأ، ولكن نحن نعتقد أن من تتواصل مع موقع شرعي وموقع استشاري تريد أن تسأل، هي الأعقل، والحريصة على الاستمرار في بيتها وفي حياتها الأسرية، نسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.
إذا نريد منك:
1- الدعاء.
2- إظهار المشاعر النبيلة، والرغبة في العودة إلى حياة مستقرة.
3- الكف عن أمه وأهله، فليس لهم دخل في الموضوع، حتى لو تكلموا، حتى لو تدخلوا؛ لأن تدخلهم من الأصل ليس صحيحا، لكن إذا تدخلوا، فينبغي ألا نحدث شرخا جديدا، ونحدث مشكلات أخرى مع أطراف أساسية في الأسرة؛ لأن هذا يحرج الرجل، ويرى أن كرامته وكرامة أمه قد أهينت، فهو يدافع عن كرامة أمه.
4- أرجو أن تنظروا جميعا إلى هذا الطفل الذي بينكما، ونسأل الله أن ينبته نباتا حسنا.
نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد، ونتشرف بالمتابعة مع الموقع حتى نتابع التطورات أولا بأول، ولكن اجعلي هدفك العودة إلى أسرتك، وتذكري أن اجتهادك في إصلاح الرجل، ودعوته إلى الله تبارك وتعالى من أكبر القربات، وتذكري أيضا أنه لا يوجد في الرجال كامل، كما لا يوجد في النساء، فنحن بشر والنقص يطاردنا، ولاحظنا أن هذه التراكمات التي حصلت تتكلمين فيها عن الماضي، حتى ولو كان عنده معاص الآن.
اجتهدي الآن عليه، وحاولي إصلاحه، شجعيه على أن يطيع الله تبارك وتعالى، واجعلي هذا هو همك الأول، يأتيك بعد ذلك الخير؛ لأن الحب من الرحمن، والبغض من الشيطان، يريد أن يبغض لنا ما أحل الله لنا، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والخير.