حائرة في اختيار التخصص فهل أكمل في طب الأسنان أم الطب البشري؟

0 35

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

موقع إسلام ويب الجميل جهودكم مشكورة دائما، أريد حلا سريعا لمشكلتي التي أتعبتني نفسيا جدا جدا، وأصبحت أكره كل شيء بسببها.

والدي رجل أعمال، كان يرغب في أن أدرس الطب البشري لتحقيق حلمه في المستقبل، وهو بناء مشفى خيري للناس المحتاجة، أحترم هذا الحلم، ولكنه ليس حلمي، أنا أحب مساعدة الناس طبعا، ولكنني لن أقضي دراستي في الطب لمدة سنوات كثيرة لكي أعمل بدون عائد مادي! فأنا أريد أن أكون مستقلة ماديا عندما أكبر؛ لأن الإنسان لا يعلم تقلب الظروف، كنت في البداية أريد دراسة طب الأسنان؛ لأني أحب المهنة وأراها الأنسب لشخصيتي؛ حيث أنني إنسانة عملية أحب التطبيق العملي، ولا أحب الدراسة كثيرا.

والذي لن يتاح لي ذلك في الطب إلا في التخصصات الجراحية التي أسمع الكثير من الناس تقول لي إنها غير مناسبة للفتاة، والتي قد تأخذ من عمرها ووقتها الكثير خصوصا مستقبلا إذا كانت متزوجة وغير ذلك، في الحقيقة أنا لا أملك رغبة محددة، ولا أشعر بحب الطب ومهنة الطب، فقد كنت في سنتي الثانية من الدراسة، وبسبب تخوفي من المواد وصعوبة هذه السنة رسبت فيها.

والآن قمت بتحويل التخصص إلى طب أسنان، ولكنني لا زلت أشعر بعدم الرضا، وأفكر بالرجوع لكلية الطب البشري، نفسيتي متعبة جدا؛ بسبب كثرة التفكير، ولا أستطيع النوم، وها قد بدأ العام الدراسي ولم أنجز منه شيئا؛ لأن أهلي يلومونني طوال الوقت ويحبطوني في اختياري هذا، فكيف أعرف أنني في الطريق الصحيح، فهل أكمل طب الأسنان، أم أقوم بالتحويل للطب؟ لا أعلم ماذا أريد، تائهة جدا وروحي متعبة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Malak حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا.
‏نقدر ما أنت فيه من حيرة واضطراب بسبب مشاكل التخصص؛ وعليه فإذا أردنا أن نفحص هذه الحالة سويا فيمكنك أن توجهي هذا التساؤل لنفسك أولا وهو: هل أنا في التخصص الذي أرغب فيه أم لا؟ ولا ندري هل أنت قمت بعمل استبيان حول التخصص أو اختبارات تتعلق بالميول الدراسي، وفي العادة يوجد في الجامعة ما يسمى بقسم الإرشاد الأكاديمي الذي يوجه الطلبة إلى التخصصات المناسبة، كما يمكن أن يجري عليهم بعض الاختبارات والاستبيانات التي تكشف لهم عن ميولهم، فإذا لم تكوني قد قمت بهذا الاستبيان أو اختبار الميول يمكنك اللجوء إلى بعض الاستبيانات والاختبارات على الإنترنت، فهناك مواقع تقدم مثل هذه الخدمة مثل موقع اكتشاف، وهناك مواقع أجنبية عديدة أيضا تقدم ذلك، وهناك اختبار شهير يسمى اختبار هولاند للميول المهنية يمكنك العثور عليه أيضا، حيث يطلب منك أن تحددي المهن التي ترغبين فيها ثم بعد ذلك تقومين بتضييق الخيارات حتى تصلي إلى رغبة أو رغبتين أو ثلاث من الرغبات التي تناسبك.

كل ما سبق على افتراض أنك لا تعرفين كيف تختارين ميولك أو تخصصك، أما على افتراض أنك في الاتجاه الصحيح، وأنك قد اخترت تخصص الأسنان، وهو التخصص الذي ترغبين فيه ليس لسهولته وإنما لأنه يلائمك؛ فهنا يمكن أن نقول لك استمري على هذا التخصص حتى تتخرجي منه.

‏كما نحب أن نشيد برغبة والدك الكريم وأسرتك في بناء مستشفى خيري؛ فهذه نية عظيمة وكبيرة، كما نشيد كذلك بنيتك في فعل الخير، ولكن أيضا لا يلزمك أن تنخرطي في أعمال لا ترغبين فيها أو لا تجدين نفسك فيها، وهذا لا يتعارض مع تخصصك في مجال الأسنان؛ حيث يمكنك التخصص في المجال الذي ترغبين فيه، وتستمرين كذلك في تقديم ما يمكن تقديمه من أعمال خيرية حتى لو كان على نطاق مجال الأسنان فقط.

ونحب أن أشير إلى نقطة وهي: أنك ذكرت بأن الظروف قد تتغير وهذا صحيح، ولكن طالما أن الإنسان سيعمل فلن يكون العائد المادي كله مصروفا إلى الأعمال الخيرية، وإنما قد يكون جزء منه للأعمال الخيرية وجزء منه يمكن أن يستعين به في حياته كما في قصة هذا الحديث، فعن أبي هريرة قال ﷺ: بينما رجل يمشي بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة اسق حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله، ما اسمك؟ قال: فلان بالاسم الذي سمع في السحابة، فقال له: يا عبد الله، لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها؟ فقال: أما إذ قلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثا، وأرد فيها ثلثه[1]، رواه مسلم.

‏فهذا الحديث يبين بوضوح أن من يعمل لله -عز وجل- فإن الله -عز وجل- يحفظه ويبارك له في رزقه ولو كان قليلا، فلا داعي للقلق من الناحية المادية، لا سيما وأنك سوف تدرسين تخصصا يدر عليك المال سواء كان تخصص الأسنان أم تخصصات أخرى غير الأسنان.

وعلى كل حال فلا يستغنى الإنسان عن مشاورات المخلوقين واستخارة الخالق سبحانه وتعالى:
‎فعن جابر رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: (اللهم إني أستخيرك بعلمك , وأستقدرك بقدرتك , وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر , وتعلم ولا أعلم , وأنت علام الغيوب , اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (هنا تسمي حاجتك ) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال : عاجل أمري وآجله , فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه , اللهم وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (هنا تسمي حاجتك ) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال : عاجل أمري وآجله , فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به . ويسمي حاجته ) وفي رواية (ثم رضني به".

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مواد ذات صلة

الاستشارات