السؤال
السلام عليكم.
أعاني من وسواس قهري واكتئاب، ونوبات ذعر، وخوف متكرر من الناس، كما أني أعاني من مشاكل هضمية، بحيث أجد الطعام الذي تناولته غير مهضوم عندما أذهب للحمام.
كذلك ارتفاع الحرارة، والتعرق على أقل مجهود، وغياب للرغبة الجنسية، بحيث إني عملت تحاليل الهرمونات، ووجدتها طبيعية.
ذهبت عند طبيب نفسي وأخبرني أن لدي نقصا في السيروتونين، وأعطاني انفرانيل، وباروكسيتين، فهل صحيح أن هذه الأعراض تتطابق مع نقص السيروتونين؟ وكم من الوقت تقريبا ليعود إلى طبيعته بهذه الأدوية؟
شكرا لك.
الإجابــة
سم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المهدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في موقع استشارات إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وكما تفضلت: الذي يظهر لي أنك تعاني من قلق المخاوف الوسواسي، والذي دائما يكون مصحوبا باكتئاب ثانوي، وهذه الحالات كثيرة ومنتشرة، وإن شاء الله تعالى يتم علاجها.
القلق يجب أن نجعله قلقا إيجابيا، بأن نحسن إدارة وقتنا، وأن تكون لنا برامج وأهداف وآمال وطموحات في الحياة، ونضع الآليات التي توصلنا إلى غاياتنا.
من المهم جدا أن يكون الإنسان مفيدا لنفسه ولغيره، القيام بالواجبات الاجتماعية، الحرص على العبادات، خاصة الصلاة في وقتها، بر الوالدين، والاجتهاد في أن يكون الإنسان عضوا فاعلا وفعالا في أسرته.
هذه أسس علاجية مهمة جدا للاستفادة من القلق، وللاستفادة من الخوف، بل نحوله خوفا إيجابيا، فالذي لا يقلق لا ينجح، والذي لا يخاف لا يأخذ حذره، والذي لا يوسوس لا ينضبط، لكن لا نريدها -أي هذه الطاقات النفسية- أن تكون سلبية، إنما نريدها أن تكون إيجابية، ونوظفها التوظيف الصحيح.
مشاكل الهضم طبعا ناتجة من القلق أيضا، فأعراض القولون العصبي تتمثل في أن الإنسان قد ينزل الطعام غير مهضوم، مع شعور بعدم الراحة في الجهاز الهضمي.
الشعور بارتفاع درجة الحرارة والتعرق: هذا كله من أعراض قلق المخاوف، وحتى الرغبة الجنسية طبعا تقل كثيرا مع القلق والتوتر.
أيها الفاضل الكريم: نظرية السيروتونين (Serotonin) هي نظرية صحيحة لكنها معقدة، وليست بالبساطة التي نقول: إن السبب في الاكتئاب أو الوسواس أو الخوف هو نقص السيروتونين، نعم السيروتونين له عدة فروع وله عدة مكونات، ولا نستطيع أن نقيسه الآن في دم الإنسان.
هنالك آليات غير مباشرة لقياسه، أنواع معينة من التصوير، وفتوغرافية للدماغ، وطبعا حللت أدمغة بعض الذين يعانون من الاكتئاب والوساوس بعد الموت، واتضح أن المناطق التي تفرز السيروتونين فيها شيء من الضعف، وهذه تسمى بالنواقل والمستقبلات والموصلات العصبية، فإذا ربما يكون هنالك نوع من النقص في السيروتونين، وبعض العلماء يرون أن السيروتونين لا يوجد فيه نقص، لكن تنقصه حساسية الاستجابة، نسبة لما يعرف بتكوين الطاقة العصبية.
لا أريد أن أدخلك في معادلات علمية مقعدة، لكن طبعا من حقك أيضا أن تعرف الأمور في نطاقها العلمي، وهناك من يرى أن السيروتونين ربما يكون غير متوازن مع المواد الكيميائية الأخرى، خاصة الـ (دوبامين Dopamine)، و(جلوكوميت Glucomet)، ومادة الـ (نورأدرينالين NorAdrenaline)، ربما يكون هنالك نوع من ذلك.
لكن تمت ملاحظة أن الأدوية مثل: الـ (أنفرانيل Anafranil) والذي يعرف باسم (كلوميبرامين Clomipramine)، والـ (باروكستين Paroxetine)، وأدوية أخرى تؤدي إلى تحسن في مستوى السيروتونين، وتتحسن الأعراض التي يعاني منها الناس.
أرجو -أخي الكريم- أن يكون هذا الأمر واضحا بالنسبة لك، والأدوية التي كتبت لك هي أدوية سليمة، لكن مع احترامي الشديد للطبيب قد لا تحتاج أن تبدأ بالأنفرانيل والباروكستين في نفس الوقت، تكون البداية بالباروكستين، وإذا لم تتحسن الأحوال بعد أربعة إلى ستة أسابيع يضاف الأنفرانيل.
الأمور -إن شاء الله- تعود إلى طبيعتها، هذا يعتمد على جهدك في تغيير نمط حياتك، وأن تجعله إيجابيا، وأن تحقر الأفكار السلبية والوسواسية، وأن تنتظم في الدواء، غالبا الإنسان بعد أربعة إلى ستة أسابيع يبدأ يحس بالتحسن.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.