نصرانية تعترف بالإسلام وتريديني أن أعترف بدينها.. أرشدوني

0 1

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعرف فتاة أجنبية، وطبعا أنا كمسلم أؤمن وأصدق بسيدنا عيسى بن مريم، وأعترف بالمسيحية، ولكن لا أعترف بها كديانة صحيحة حاليا، ولكن لها الحق في التفكير بأن دينها صحيح، وحقي أنا هو الدين الإسلامي، فقط هو الصحيح، ولا يوجد دين آخر.

لذا هي توافق على الإسلام كدين صحيح غير خاطئ، سماوي، وأن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- نبي الله حسب كلامها، ولكنها تريد بالمثل أن أصدق بدينها، وأنهم أبناء الله -تعالى الله عن ما يقولون علوا كبيرا-.

ولكني لا أستطيع أن أوافق مثلها على الدين المسيحي الحالي كدين صحيح، فنحن عباد لله فقط لا غير، فأخبرتها بذلك، فما هي النصيحة؟ هل صراحتي في توصيل الفكرة كانت جدا خاطئة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك حرصك على تبليغ دينك الصحيح لغير المسلمين، ولكن ينبغي -أيها الولد الحبيب- أن تبدأ أولا بالتعرف إلى موقف الإسلام من الديانات الأخرى، الموقف الصحيح الموافق لما جاء في القرآن الكريم، ولما نطق به رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم، ثم تبلغ هذا الموقف دون غلو وزيادة، ودون تساهل وتمييع، والإسلام -أيها الحبيب- الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-، والذي ورد في القرآن الكريم، هذا الإسلام هو دين الأنبياء جميعا، فالأنبياء إخوة، دينهم واحد، لكن شرائعهم مختلفة، فكل الأنبياء يدعون إلى عبادة الله تعالى وحده، ويدعون إلى الإيمان بجميع الأنبياء، ولكن تختلف التشريعات (الحلال والحرام، والتكاليف التي يكلف بها الناس)، وذلك لاختلاف الأزمنة والأمكنة.

والأنبياء جميعا يبشرون بمن بعدهم، ويأمرون قومهم بالإيمان بالأنبياء جميعا، وعيسى عليه السلام بشر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وصدق موسى والتوراة التي كانت قبله، كما أخبر الله تعالى عن ذلك في كتابه الكريم: {وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد}، فمن كان من أتباع عيسى في زمن عيسى -أي قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم- فإنه كان على الدين الحق الذي أمر بالإيمان به والنبي الذي أمر بمتابعته، لكن بعد أن بعث محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد أصبح هو النبي الذي يجب على البشر جميعا أن يؤمنوا به ويتابعوه، فأتباع عيسى على الحقيقة الصادقون في اتباعهم لعيسى، هم الذين يؤمنون بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ويتبعونه، فمن فعل هذا هو المؤمن حقيقة.

أما من أصر على البقاء على دين آخر غير دين محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد أن علم بدين محمد -عليه الصلاة والسلام- فإنه من الكافرين، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت، ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار).

فالذي يكفر بمحمد -صلى الله عليه وسلم- هو في الحقيقة كافر بجميع الأنبياء، بما فيهم عيسى عليه السلام؛ لأنه لم يصدق عيسى حين بشر بالرسول الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-.

فهذا هو الموقف الصحيح -أيها الحبيب- الذي ينبغي أن تبلغه لكل من تحاور معه من أتباع الديانة (المسيحية)، وهي النصرانية كما سماها القرآن الكريم. نحن معشر المسلمين نؤمن بعيسى -عليه الصلاة والسلام- أنه نبي الله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأنه عبد الله ورسوله، ونؤمن بأن الله تعالى أنزل عليه الإنجيل، وأن الإنجيل منزل من السماء، ولكن طرأ على الإنجيل بعض التحريف والتغيير والتبديل، فالإنجيل فيه الحق وفيه الباطل، ولهذا موقفنا منه أننا نؤمن بما وافق القرآن العظيم، ونصدق بأن هذا منزل من عند الله، وما خالف القرآن العظيم، فإننا نقطع بأنه مما حرفه الناس وغيروه في الإنجيل، وما لم يوافق القرآن ولم يعارضه فإننا نتوقف فيه، لا نؤمن به ولا نكذبه.

والديانة والعقيدة -أيها الحبيب- لا تدخلها المعاوضات والمبادلات، بحيث الذي يؤمن بديني أؤمن بدينه، فهذا لا يمكن أن يكون؛ لأن أحدنا على حق، والآخر على باطل، فصاحب الحق لا يمكن أن يؤمن بالباطل من أجل أن يقبل صاحب الباطل بالإيمان بالحق، أو أن يسكت عن الحق، فنحن لا نؤمن بدين آخر، ولا نداهن ونصدق بأن ديانتهم صحيحة من أجل أن يقبلوا بديانتنا، وقد قال الله لنبيه: {ودوا لو تدهن فيدهنون}، وقال: {قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد * ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم ولي دين}، والإسلام جاء بأنه لا إكراه على الديانة، والإنسان إذا اختار أن يبقى يهوديا، أو أن يبقى نصرانيا فهو الذي يتحمل تبعات ذلك، ويحاسبه ربه على هذا الاختيار.

نرجو -إن شاء الله- أن يكون الموقف الصحيح قد اتضح لك كما تم إيراد بيانه، وصراحتك في إيصال هذه الفكرة ليست خطأ، وفي نفس الوقت نذكرك أنه لا ينبغي للشاب المسلم أن تكون له صديقة فتاة، فهذا مما حذر منه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا يعرف في الإسلام ما يسمى بصداقة الفتاة مع الشاب أو العكس، فهذا مما دخل علينا من بلاد الكفر، وتساهل فيه كثير من الشباب والبنات.

نسأل الله تعالى لك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات