السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم، والمعذرة إن أكثرت عليكم الاستشارات حول هذا الموضوع، ولكنني أعاني يشهد الله وليس لي غيركم.
أنا أعاني ومعاناتي هي أنني أشعر بأنني وحيد في وسط هذه الغربة وأقصد غربة الدين، غربة أن يأتي وقت الصلاة ولا يكون حولي من يعينني على الطاعة غير نفسي التي تثبطني في بعض المرات، غربة أن أذهب للمسجد دائما لوحدي، وفي طريقي أشعر بالغربة أيضا؛ كوني الوحيد الذي يذهب للمسجد، ويمر في هذا الطريق يوميا، طريق المسجد، لا أشعر بالمشاعر الروحانية والأخوة ممن حولي، كون المسجد لا يتجاوز المصلين فيه الصف الواحد، رغم هذا -الحمد لله- أواصل على الصلاة في المسجد، ومستمر على الوتر، ولكن أشعر بأنني غريب فعلا، ولوحدي في هذا الطريق -طريق الاستقامة والعبادة-، لا رفيق ولا أخ ولا غيره، لذلك لجأت لكم لعلكم تعينونني على الالتزام أكثر وأكثر، في هذا الوقت الذي هو الأهم، لأنني أخاف من الوقوع في الزنا في هذا العمر، فهو متوفر في مدرستي التي أذهب إليها يوميا، ولا عاصم لي من هذا إلا الله سبحانه.
وصل بي الأمر والله حقيقة أنني بدأت أدعو الله بأن يقبضني عن قريب، يقبضني إليه وهو راض عني غير مفتون، كونه لم يعد لدي أي قوة لمواجهة هذه الفتنة والغربة -فتنة النساء-، ولم أعد أعرف ماذا أفعل؟ ولمن أذهب؟ بماذا تنصحوني -جزاكم الله خيرا- هل يوجد دعاء أو شيء التزم فيه لكي لا أتكاسل عن العبادة ويحفظني الله من الزنا؟ أنا أحاول قراءة سير الصالحين كونها من أهم الأسباب التي تثبتني.
بارك الله فيكم مشكورين.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ف.م حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
نجدد الترحيب بك وتواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يتولى عونك وييسر لك الخير، ويجعلك مفتاحا للخير مغلاقا للشر.
لا شك -أيها الحبيب أننا في زمن كثرت فيه الفتن والمغريات، ولكن لا يزال هناك خير، ولا يزال بالناس من يعينك على الحق، وما دمت تصلي ومعك في المسجد صف كامل، فهذا يدل على أنه لا يزال بجانبك من يشاركك السير في هذا الطريق، فلا تسمح لهذه المشاعر أن تسيطر عليك، وتؤدي بك إلى ما يفتر عزيمتك ويضعف رغبتك، وابحث عن الرفقة الصالحة وستجدهم -بإذن الله تعالى-، ووسائل التواصل اليوم تسهل كثيرا من هذا، فلا تزال تجد على الخير أعوانا.
وصعوبة العبادات والمشقة فيها كلما عظمت كلما عظم الأجر وزاد الثواب، ولذلك قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (العبادة في الهرج كهجرة إلي) يعني: عندما يفسد الزمان وأهل الزمان وتصبح العبادات شاقة تصبح العبادة في تلك الأوضاع والأحوال كالهجرة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، مما يدلك على عظم ثواب الصبر على الثبات والاستقامة في هذه الأحوال التي ذكرتها أنت في سؤالك.
ولا نزال –أيها الحبيب– نرى أن الدعوة إلى الإسلام وإقبال الناس عليه لا يزال في ازدياد -ولله الحمد-، والأحوال تتغير إلى الأحسن في غالب الأحوال، وفي البلد الذي أنت فيه لا شك أن حاله اليوم أحسن من حاله بالأمس، فنسأل الله تعالى أن ييسر الخير وأن يثبتنا وإياك عليه.
وأما ما ذكرت من سهولة الوقوع في الفاحشة فهذه حقيقة نعم، وهذا ابتلاء شديد من الله سبحانه وتعالى، وعلى قدر البلاء يكون الثواب لمن صبر واحتسب، فنصيحتنا لك أن تسعى جاهدا بالأخذ بأسباب الاستعفاف والعفة، ومن ذلك الإكثار من الصيام والإدمان له، ومن ذلك حفظ البصر والسمع عن المثيرات الصوتية والمرئية بقدر استطاعتك، ومن ذلك الصحبة الصالحة والرفقة الصالحة، فإنهم خير من يعينك على الثبات على الخير، ومن ذلك تقليل المخالطة للناس إلا من حيث تكون ثم حاجة تذهب إليها ومصلحة تقضى، إذا كنت لا تأمن على نفسك، ومن أعظم الأسباب اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى كما فعل يوسف -عليه الصلاة والسلام- وأنت تقرأ قصته وهو أسوة وقدوة لكل من جاء بعده من الشباب، فقد قال: {إلا تصرف عني كيدهن أصبو إليهن وأكن من الجاهلين * فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم}.
فالدعاء واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالتثبيت والحفظ سبب عظيم لحصول هذه المقاصد من التثبيت والابتعاد عن المعصية، فالجأ إلى ربك، واسأله سبحانه وتعالى أن يعفك، وأن ييسر لك أسباب الحلال، ومن الأدعية العظيمة التي علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إياها: (اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك).
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك الخير حيث كان ويثبتك عليه.