كيف يتكيف جهازي العصبي مع إزعاج البيئة المحيطة؟

0 42

السؤال

السلام عليكم

كنت أعيش في بيئة ككل البيئات فيها ضوضاء وتلوث سمعي، لكن بعد هذا العمر حدث أمر غريب لم يتكيف معه جهازي العصبي، فقد كنت أعيش في شقة بمفردي وقامت جارتي باستفزازي بأن تركت طفلتها الصغيرة تجلس على الكرسي الملاصق لجدار شقتي المجاورة، وهو الحد الفاصل بيني وبينهم -بين الشقتين-، وكانت الطفلة تلعب على الكرسي للأمام والخلف بحيث إن الكرسي يطرق على الجدار فيحدث صوتا، وكان صوتا رنانا مزعجا لا يتوقف، وكانت الطفلة تفعل ذلك ربما طوال اليوم ليلا ونهارا.

لما تأذيت من الصوت جدا وأبلغتها رفضت وتركت الطفلة حتى ألفت الطفلة فعل ذلك، واستمرت نحو ستة أشهر، ولم أجد إلا مغادرة الشقة، حيث لم تستجب المرأة أبدا لمناشدة أحد.

الآن هو المهم؛ فقد لاحظت -منذ هذه الواقعة- أنني لا أستطيع تحمل صوت أي من الجيران حتى ولو كان صوت طعامهم الصادر من شباك مطبخهم، أو سيرهم على أقدامهم في الطابق الأعلى، وحاولت جاهدا أن أتكيف مع هذا الأمر ولم أتحمل، قرأت واستمعت لفيديوهات ولم أتحمل!

هذا معناه أني لن أستطيع أن أعيش وسط أحد في المستقبل، وليس في قدرتي تحمل شراء قصر مثلا في مكان منعزل، وترتب على ذلك شعوري ببعض الاكتئاب الخفيف وخصوصا عند الاستيقاظ، وباقي اليوم أشعر وكأني منتظر صوت أحدهم في الطابق العلوي كصوت الأطفال، أو تحريك الكرسي، أو غلق الأبواب وهكذا، مما يضفي علي شعور القلق والتوتر.

ما العلاج حتى أستطيع أن يكون هذا الأمر عاديا تماما معي مهما فعل الجيران؟

حفظكم الله تعالى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك - أخي الفاضل - مجددا عبر إسلام ويب، ونشكر لك كتابتك إلينا بهذا السؤال.

أخي الفاضل: حقيقة ما مررت به خلال ستة أشهر أمر مزعج جدا لأي إنسان أن يكون هذا الصوت المزعج صباحا ومساء، والأمر المزعج الآخر أن والدة هذه الفتاة لم تستجب لك، ولم تطلب من طفلتها أن تتوقف عن إصدار مثل هذه الأصوات، حتى اضطررت مع الأسف إلى تغيير الشقة والانتقال لمكان آخر.

أخي الفاضل: الذي حصل معك نسميه أحيانا (التعلم الشرطي) حيث إن الأصوات التي سمعتها على مدار ستة أشهر جعلتك تتوتر وتنزعج جدا، بحيث أصبح عندك ردة فعل تلقائية لأي صوت يصدر من الجيران، سواء على اليمين، أو الشمال، أو من فوقك، أو من تحتك.

لا شك أن هذا أمر مزعج، يمكن أن يحصل لغيرك كما حصل لك، حيث إن أي حركة صادرة من بيت الجيران تعود فتذكرك بتلك الأصوات المزعجة التي عانيت منها ستة أشهر، فأصبح عندك ذلك المنعكس الشرطي الذي يجعلك تنزعج كلما سمعت حركة صادرة من بيت الجيران.

في سؤالك - أخي الفاضل - شقان:
الشق الأول: هل يمكنك تجاوز ما مر معك في الماضي، بحيث تستطيع أن تعيش مع ناس آخرين دون أن تعزل نفسك عن العالم من حولك؟ الجواب على هذا السؤال: نعم، قد يأخذ الأمر بعض الوقت، فما مررت به خلال الأشهر السابقة قد يحتاج لبعض الوقت مثلها أو أكثر منها بقليل، حتى تعتاد رويدا رويدا على سماع بعض الأصوات الطبيعية التي تصدر في كل بيئة فيها شيء من التلوث الصوتي، إلا أنه لن يكون مزعجا كما هو حاصل معك الآن.

الشق الثاني لسؤالك: هل يمكن أن تصل إلى مرحلة تشعر فيها بعدم الانزعاج مهما فعل الجيران؟ الجواب المنطقي: لا، فنعم يمكن للجيران أن يصدروا أصواتا مزعجة جدا فبالتالي ستنزعج مثل أي إنسان آخر، ولكن في الغالب معظم الجيران يصدرون أصواتا إلا أنها لا تصل إلى الحد الكبير المزعج جدا.

إذا جوابا على سؤالك: نعم -إن شاء الله- ستخرج من الحالة التي أنت فيها بشيء من التدريج، ولكن إن حدث صوت مزعج جدا فأكيد أنك ستتأثر به كما يتأثر بقية الناس، ولا شك أن الأيام ستعلمك كما علمتنا جميعا أن نعيش مع الآخرين بغض النظر عن الأصوات أو غيرها.

أخيرا: أريد أن أنبهك - أخي الفاضل - أننا أحيانا يصبح انتباهنا انتقائيا، بحيث أننا لا نعد ننتبه إلى الأمر الذي يشغل بالنا، لذلك أنصحك بتشتيت انتباهك وصرفه عن الأصوات الصادرة من جيرانك إلى أمور أخرى، والذي يمكن أن يساعدك وضع بعض السماعات على الأذنين، تسمع فيها أشياء مفيدة نافعة، وتخفف الضوضاء أو التلوث الصوتي الصادر من حولك.

أدعو الله تعالى لك براحة البال والهدوء المناسب من حولك.

مواد ذات صلة

الاستشارات