ما رأيكم بعمل المسلمات الشابات في الدول الأجنبية؟

0 31

السؤال

السلام عليكم

الحكومات هنا في الجانب الأوروبي من العالم تقوم بإعطاء أموال للمقيم والمواطن تكفيه لسد حاجته الأساسية في الحياة، بل وأيضا في بعض الحالات قد تعطيه ما يزيد عن حاجته وحاجة أسرته أيضا، ومع ذلك نرى أن أغلب الناس يعمل فقط للتواصل الاجتماعي مع الناس، وأصبحت الفتيات المسلمات -ليس الكل ولكن الأغلب- يتحججن بأنهن سيصبن بشيء إن بقين في البيت بدون تواصل مع الناس، وعادة ما يكون ذلك التواصل مقصودا به التواصل مع الشباب، ولكن لا يصرحون أحدا، ولا حتى أنفسهم بذلك.

ما حكم نزول الفتيات المسلمات في البلاد الأوروبية للعمل في بيئة لا تخلو من الاختلاط، وزعم إحداهن أنها قوية ولا تنحرف لأي شخص، أو فعل سيئ؟ على الرغم من أن حاجاتهن غالبا ما تكون مسددة من قبل الحكومة، سواء كانت تعمل أو لا، ولكنها تعمل فقط لقضاء وقت الفراغ في عمل شيء تحبه، وقد تتعرض في ذلك العمل لزميل عمل يريد المصافحة، ويكون من الصعب إحراجه أول مرة؛ لأنها ستكون حالة غريبة إن هي امتنعت عن ذلك، مع علم الأغلب منهن أن المصافحة بين الرجل والمرأة حرام، ولكنها تصافح.

كذلك أحيانا يكون هناك النظر في أعين بعضهم البعض، والابتسامات أثناء أداء العمل، وقد يكون هناك بعض من الاقتراب الجسدي، والذي يولد الحرارة بين الطرفين، أيا كانت حالة كل منهم الاجتماعية، فهل ذلك يرضي الله تعالى؟

أنا أعلم أنه لا، ولكن أريد أن أتأكد منكم لأنني حقا تعبت، وأصبحت أشك بأني أفكر بالطريقة الصحيحة رغم أني أحاول دائما تحري الحلال والحرام، وأن أفعل ما يرضي الله، وأبتعد كل البعد عما لا يرضيه؛ لأني حقا أخاف من عذاب الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بيسال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك مجددا -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك حرصك على تلقي العلم الشرعي بطريقة سليمة صحيحة، والرجوع إلى من يفيدك عن بصيرة وثقة، وهذا المنهج الذي تتبعينه في تناول المسائل الدينية منهج صحيح، أمر الله تعالى به كل مسلم لا يعلم الحكم الشرعي، فقال سبحانه وتعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ألا سألوا إذ لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال). فسؤال من لا يعلم أمر مطلوب شرعا، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (طلب العلم فريضة على كل مسلم)، فنسأل الله تعالى لك مزيدا من التوفيق والتسديد.

ما ذكرته من أنك تعلمين أنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تخالط الرجال الأجانب، مع الوقوع في المحظورات والمنهيات الشرعية من المصافحة، أو التبسط في الحديث والكلام الذي يثير الفتنة بين الرجل والمرأة، أو خلوة الرجل الأجنبي بالمرأة، ونحو ذلك من المخالفات الشرعية التي تقع في بعض حالات الاختلاط، ما ذكرته من أنك تعلمين أنه لا يجوز هو كلام صحيح، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حذر أشد التحذير من فتنة الرجل بالمرأة، وقال: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء).

لهذا جاءت الشريعة الإسلامية بجملة وفيرة من الآداب والتوجيهات للرجل وللمرأة، لتجنيبهما الوقوع في حبائل الشيطان وشبكة الشيطان، فإن الشيطان حريص كل الحرص على استغلال المرأة لإضلال الرجل، فإن هذا الميل ميل فطري خلقه الله تعالى في النفوس لأغراض كثيرة ولمقاصد شرعية صحيحة، وهي أن ينجذب الرجل إلى المرأة وتنجذب المرأة إلى الرجل، ليتحقق الزواج وتحصل الذرية ويستمر النسل البشري، إلى غير ذلك من المقاصد الشرعية الصحيحة، فركب الله تعالى في النفوس هذا الميل وحبب إلى كل من الجنسين الجنس الآخر.

لهذا ينبغي للمسلم والمسلمة أن يكونا على حذر من أن يستغل الشيطان هذه الغرائز ليوجهها في الطريق الخاطئ، وحتى لا يقع هذا جاءت الشريعة بجملة من الآداب التي تحمي الرجل والمرأة من الوقوع في هذه المخالفات.

من هذه الآداب: أن تلتزم المرأة بالحجاب أمام الرجل الأجنبي، كما قال الله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}.

من هذه الآداب: غض البصر، وهذا واجب على الرجال عند خوف الفتنة خصوصا، وكذلك يجب على المرأة أن تغض البصر عند كثير من العلماء، فقد قال الله: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}.

من هذه الأحكام أيضا: تحذير النبي -صلى الله عليه وسلم- من المصافحة والمماسة، ألا تمس المرأة الرجل الأجنبي، وألا يمسها الرجل الأجنبي لغير ضرورة أو حاجة تدعو إلى ذلك، من تداوي أو نحوه.

من هذه الآداب أيضا: ضبط الكلام والألفاظ التي تتكلم بها المرأة مع الرجل الأجنبي، فقال سبحانه وتعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}.

من هذه الآداب أيضا: النهي عن أن تختلي المرأة بالرجل الأجنبي عنها، هكذا جاءت الشريعة بجملة من التوجيهات والآداب بقصد سد أبواب الفساد، وإغلاق أبواب الشرور قبل أن يقع الإنسان فيما يندم عليه ولا تحمد عاقبته.

المرأة إذا كانت محتاجة إلى الخروج، وخرجت منضبطة بهذه الضوابط، وعملت بعمل يليق بها، وملتزمة بهذه الضوابط فلا حرج عليها، ولكن إن كانت غير محتاجة فالأفضل لها بلا شك أن تبقى في بيتها، وأن تستقر في بيتها، فالقرار في البيت يجنبها الوقوع في كثير من المحظورات، ثم إنها مكفولة بحكم الشرع؛ يجب على الرجل أن ينفق عليها، ينفق عليها إذا كانت ابنة له، وينفق عليها إذا كانت أما، وينفق عليها إذا كانت زوجة.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ بنات المسلمين وشبابهم، وأن يهيأ لهم من أمرهم رشدا، ويجنبنا وإياهم الزلل والخطأ، إنه على كل شيء قدير.

مواد ذات صلة

الاستشارات